من الثواب والعقاب والمجازاة بين العباد ، وليس على الله في ذلك من حجة كبيرة ولا صغيرة.
وأما ما سأل عنه من استكبار إبليس ، وقال : ممن هو؟ أمن الله؟ أم منه؟ أم من غيره؟
فسبحان الله! ما أبين جهل من شك في هذا! أيتوهم أو يظن ذو عقل أن الله ألزم إبليس التكبر والاجتراء عليه فأدخله قسرا فيه؟ وهو يسمع إخبار الله في ذلك عنه ، وأنه نسب التكبر إليه ، فقال سبحانه : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [البقرة : ٣٤] ، فذكر أن الاستكبار والكفر من فعل إبليس الكافر المستكبر ، ولو كان الله أدخله في الاستكبار فاستكبر ، وقضى عليه بالكفر فكفر ، لم يقل فيه : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) ، ولكان أصدق الصادقين يقول فيه : إنه أطوع المطيعين. وما كان من استكبار إبليس فهو كاستكبار غيره من الناس ، قال الله سبحانه : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف : ٢٠] ، ولو كان الكبر والفسق من الله فيهم فعلا ، وله سبحانه عملا ، لم يجزهم عذاب الهون على فعله الذي أدخلهم فيه ، بل كان يثيبهم عليه ويكرمهم لديه.
المسألة الثالثة : أكانت محبة الله ومشيئته في دخول آدم وزوجه الجنة أم في خروجهما؟
ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد ، المسألة عن آدم عليهالسلام ، وزوجته ، فقال : خبرونا عن آدم وزوجته حين أسكنهما الله الجنة ، أكانت محبة الله ومشيئته لهما في دخولهما فيها ، وإقامتهما أم في خروجهما منها؟
فإن زعموا أن محبة الله ومشيئته كانت في خلودهما ؛ فقد كذبوا ، لأن أهل الجنة لا يموتون ولا يتوالدون ولا يمرضون ولا يجوعون ولا يخرجون ، وقد قضى الله الموت على خلقه جميعا ، وقضى على آدم أن تكون له ذرية تكون منهم الأنبياء والرسل والصديقون والمؤمنون والشهداء والكافرون ، ثم قال : (فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها