تُخْرَجُونَ) [الأعراف : ٢٥] ، ثم قال : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) [طه : ٥٥] ، وكيف يكون ما قالوا ، وقد قضى الله القيامة والحساب والموازين والجنة والنار ، سبحان الله! ما أعظم هذا من قولهم.
وإن قالوا : إن محبة الله ومشيئته كانت في خروج آدم وزوجته من الجنة وهبوطهما إلى الأرض ، فقد زعموا أنه لم يكن ليخرجهما من الجنة إلا الخطيئة التي عملاها ، والأكل من الشجرة التي نهيا عنها ، فقد أقروا لله بقدرته ونفاذ علمه ، وفي ذلك نقض قولهم.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من إرادة الله في آدم وزوجته حين أسكنهما الجنة ، أكانت إرادته خلودهما فيها؟ أم خروجهما عنها؟ وما توهم من هذه الجنة التي كان فيها آدم وزوجته أنها جنة المأوى التي جعلها الله ثوابا للعاملين ومقرا دائما لعباده المؤمنين ، فإنا نقول : إن الجنة التي كان فيها آدم وزوجته هي من جنات الدنيا ذوات الأنهار والغرف والأشجار فسماها الله جنة ، وهذا فموجود في لغة العرب غير مفقود ، تسمى ما كان من الضياع والبساتين ذا فواكه وأشجار وعيون جنانا. أما سمعت إلى قول الله ، سبحانه ما أبين نوره وبرهانه ، وكيف حكى عن الأمم الماضين ، الفراعنة المتجبرين ، حين يقول سبحانه : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) [الدخان : ٢٦] ، وقال : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) [الكهف : ٣٩] ، فسمى الله ما كان من الأرضين على ذلك من الحالات في قديم الدهر وحديثه جنات ، وأن آدم كان في موضع قد بوأه الله إياه كريم شريف عظيم ، خلقه فيه وأجرى رزقه ومرافقه عليه ، وليس كما ظن الحسن بن محمد ، وتوهم من فاحش الظن والمقال أن أهل الجنة منها خارجون وعنها منتقلون ، وأن آدم وحواء كانا فيها ثم أخرجا ، وليس كذلك ، بل هو كما قال رب العالمين ، وأصدق الصادقين فيمن صار إلى جنة المأوى من عباده الصالحين : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ