المسألة الرابعة : هل أراد الله تعالى خيرا في خلق النار؟
ثم أتبع ذلك المسألة (٢٣٠) عن أهل النار وعن النار ، فقال : خبرونا عن أهل النار ألخير أراد الله بهم فوضعها فيهم؟ أم الشر أراد بهم؟ فإن قالوا : الخير أراد بهم ، فيقال لهم : وكيف ذلك ، وقد جعلها وقد علم أنهم لا ينتفعون بها ، وأنها لا تكون إلا في مضرتهم ، وإن زعموا أنه جعلها فيهم ليضرهم انتقض عليهم قولهم.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من أمر النار ، وقال : لم خلقها الله الرحمن؟ الشر أراد بخلقه لها؟ أم الإحسان؟
فنقول : إن الله تبارك وتعالى ، جعل النار في دار الدنيا مزجرة لمن اهتدى ، لما فيها من التذكرة بالنار التي وعدها الله للكافرين في دار الآخرة ، ولا شيء ـ والحمد لله ـ أبين نورا ولا أظهر خبرا (٢٣١) من أن يكون خلق خلقا أراد منهم أمرا وكره منهم ضده ، وأمرهم (٢٣٢) بما أراده ، ونهاهم عما سخطه ، ثم خلق لهم ثوابا ، وأعد لهم عنده عقابا ، ثم استدعاهم إلى الطاعة بالثواب ، ونهاهم عن المعصية بالعقاب ، فعبد خوفا من عقابه ، وأطيع طمعا (٢٣٣) فيما جعل من ثوابه ، كما قال تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [السجدة : ١٦] ، فجافوا ، لمخافته وطلب مرضاته ، منهم الجنوب ، وطهروا أنفسهم من الذنوب ، وطيبوا منهم السرائر والقلوب ، فأمنوا
__________________
(٢٣٠) في (ب) : مسألته.
(٢٣١) في (ب) : خيرا.
(٢٣٢) في (ب) : فأمرهم.
(٢٣٣) سقطت من (ب).