قلبه الفرقان ، ثم ترك قراءته دهرا فجهل ونسي ما علم منه طرا؟ أو ما رأى من كان دهره جاهلا وعن كل خير وعلم غافلا ، ثم انتبه لنفسه ، وأنف من جهله فتعلم فعلم ونظر ففهم؟
وكل ما ذكرنا والحمد لله فنقض لكل ما عنه سأل وظن بذلك أنه قد أحال في الكلام كل محال ، ولم يعلم أنه في قوله قد أحال وأخطأ في كل ما عنه سأل وتعسف في مدلهمات ظلم المقال ، وكشفنا عنه وعن غيره من الخلق ممن يريد ويقصد الحق طخياء (٢٤٣) ديجور جهله ، وبينا له ما التبس عليه من أمره حين أقدم بالقول ، فقال : هل يقدر إنسان أو قدر قط ذو بيان على أن يجهل ما علم أو يعلم ما جهل في حالة من الحالات أو وقت من الأوقات ، وزعم أن أحدا لا يدخله في ذلك أبدا ارتياب ، ولا يجهله بسبب من الأسباب ، وقد وجدنا ذلك بخلاف قوله ، وعلمنا أن فعل ربه بخلاف فعله ، لا ما نسب هو إلى ربه وقلده سبحانه ما ليس من صنعة ، فعلمنا أن الإبصار إلى ظلام الليل وإشراق النهار من فعل الإنسان لا من فعل الرحمن.
ثم إن المعرفة من العارف تفرعت من لبه عند استعماله لفكره ، واستخراجه ما أمر باستخراجه من التمييز بعقله ، وقد نجد المبصر بعينه يبصر إلى ما يحل له ويحرم عليه ، ولو كان النظر (٢٤٤) من الله لكان الله المدخل له فيه ، الناظر الباصر دون الإنسان إليه ، تعالى عن ذلك رب العالمين ، وتقدس عن مقال الجاهلين.
تم جواب مسألته
المسألة السادسة : من أنطق الناس ومن خلق الكلام؟
ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة ، فقال : أخبرونا عن الناس ، من أنطقهم؟ والكلام
__________________
(٢٤٣) في (أ) : طمياء.
(٢٤٤) في (أ) : البصر.