وذلك ابتلاء عمل ، لأنه لا يتم خلق (٢٥٠) الإنسان إلا بالحركة.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه فقال : من خلق الحركات اللواتي تكون من الخلق في الحالات؟
فنقول : سبحان الله الرحيم ، العدل الجواد ، البريء من أفعال العباد ، المقدس عن القضاء بالفساد ، كما قال في نفسه ذو الأياد : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٢٨] ، ثم نقول : إن بين أفعال الله وأفعال خلقه فرقا بينا (٢٥١) ، وأنه واضح في الخلق عند من أراد معاني الحق. فأفعال الله متتابعات متلاحقات في كل شأن ، وأفعال المخلوقين ذوي العجز المربوبين فغير متلاحقات ، بل هن عن التلاحق عاجزات ، وآخر أفعال الله بأولهن لاحق ، وأولهن لآخرهن غير سابق. فأفعال الخالق موجودات معلومات ، ثابتات متجسمات ، وأفعال الخلق فزائلات غير موجودات ، بل هن في كل الحالات معدومات ، وفي ذلك والحمد لله من البيان ما فرّق عند ذوي العلم والإتقان بين أفعال الخالق ذي البقاء والجلال ، وبين أفعال الخلق ذوي (٢٥٢) الفناء والزوال.
ألا ترى وتسمع كيف أكذب الله من نسب أفعال العباد إلى ربه؟ فأكذبه سبحانه ، ونفاها عن نفسه ، حين يقول : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، وقال : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر : ٦٠] ، أفظن من جهل وعمي أن الله فعل كذبهم عليه ، ثم رماهم به وقال إنهم قالوه فيه؟ فمن يا ويحه
__________________
(٢٥٠) هكذا في الأصل ، ولعل الصواب : فعل.
(٢٥١) في (ب) : فرق بين.
(٢٥٢) في (ب) : ذي.