شيء ، ويرضى من غير شيء ، ويدخل الجنة بغير شيء ، ويدخل النار بغير شيء.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من أفعال العباد ، فقال : أشيء هي أم غير شيء؟ وقال : إن كانت شيئا فمن خلقها؟ وإن لم تكن شيئا فهل يعذب أو يثيب الله على غير شيء؟
فإنا نقول ، وإلى الله سبحانه نؤول : إنها شيء وأشياء ، وطاعة وعصيان ، وإساءة وإحسان ، ألم تسمع الله سبحانه يقول : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) [مريم ـ ٩٢ : ٨٨] ، فسمى تحرك ألسنتهم بما قالوا من الكذب والافتراء شيئا ، ثم أخبر بأن السماوات لو كان فيهن من العقول والتمييز ما فيكم لانفطرن لإعظام ما جاء من قولكم ، وكذلك لو أن الجبال كان فيها بعض ما ركب (فيكم من الفهم) (٢٥٧) لخرت لإعظام اجترائكم على الخالق بما به اجترأتم. وقال سبحانه : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢] ، فسمى أفعالهم شيئا ، فقد أوقع في الزبر ، والزبر فهي الكتب.
وقال ابن عباس : إن الزبر التي ذكر الله أن أفعالهم فيها هي هذه الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه من التوراة والإنجيل والفرقان الكريم الجليل.
ونحن فنقول : إن الزبر هي الكتب التي ذكر الله في قوله : (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٣] ، وفي قوله : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية : ٢٩] ، فهذه التي ذكر الله من الكتب عنده ، وأنه يظهرها يوم دينه وحشره هي الزبر التي (٢٥٨) ذكر الله أن أفعالهم
__________________
(٢٥٧) في (ب) : من الفهم فيكم.
(٢٥٨) في (ب) : الذي.