بيده ، قلّت البقية أم كثرت. وإن قالوا : قتلها بعد أن فني أجلها ، فكل ما فني أجله فهو ميت لا شك عند فناء أجله ، وقتل ميت ميتا محال. فلله الحمد على ما هدى إليه من الحجة والمقال ، وله الحول في ذلك والقوة ، وله الجبروت والقدرة.
ويقال لهم : ويحكم! قال الله سبحانه : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١] ، وذلك أن المشركين كانوا يقتلون أولادهم خشية الفاقة والعالة والفقر ، فنهاهم الله عن ذلك ، وأخبرهم أنه يرزقهم وإياهم كما خلقهم ، فكيف نهاهم عن قتل من قد جاء أجله وحان موته؟ وكيف يرزقهم وقد أفنى بزعمكم أرزاقهم بما جعل من قتل آبائهم لهم من انقطاع آجالهم؟ وكيف نهاهم عن قتل من ليست (٢٧٠) له حياة ولا بد أن تحل به الوفاة؟ فلقد أمرهم إذا أن يحيوا من قد أمات وأفنى أجله ففات. فأي قول أشنع من هذا القول في الله الكريم؟! فسبحان الممهل الحكيم!
وقال سبحانه لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) [النساء : ١٠٢] ، أفتقولون إن الله سبحانه أمر نبيه أن يعبئ أصحابه فرقتين (٢٧١) ، فرقة تؤدي معه صلاة الفريضة ، وفرقة تحرس النبي وأصحابه وتلقى الكريهة (٢٧٢) وليس في ذلك منفعة ولا خير ، ولا دفع ما يخاف من التلف والضير من ميل العدو على المؤمنين ميلة واحدة ، فيكون في ذلك ما يخاف من الواقعة ، وأن ما أمر الله به من الاحتذار والحذر غير نافع له ولا لأصحابه ، وأن آجالهم إن كانت قد جاءت قتلهم أعداؤهم ، احترسوا أم لا ؛ وإن لم تكن جاءت لم يقدروا عليهم ، ولو ألقوا بأيديهم إليهم. فهذا من قولكم أعظم التخطئة لربكم ، وأجهل الجهل لنبيكم ، لقد أبطلتم
__________________
(٢٧٠) في (ب) : ليس.
(٢٧١) في (ب) : فريقين.
(٢٧٢) في (ب) : الكرهة.