إذا كتاب الرحمن ، وقلتم شططا وبهتانا.
ويقال للجهلة الضالين من المشبهين المجبرين : ما قولكم في قولكم ربكم ، وما يخرج ذلك عندكم حين يقول سبحانه : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) [الأنفال : ٦٧] ، ما أراد الله بهذا من قوله؟ أليس هذا عتاب منه لرسوله يخبره أنه لم يكن ينبغي له أن يأسرهم ولا يطيع أصحابه في التشاغل بأخذهم دون الإثخان لهم بقتلهم؟ ثم قال سبحانه وجل جلاله وعز سلطانه : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) [الأنفال : ٦٧] ، يريد بذلك ما أخذوه منهم وفيهم من الفداء ، ثم قال : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال : ٦٧] ، يقول : والله يريد منكم الاجتهاد في أمر الآخرة ، وما يقربكم إليه ويزيد في كرامتكم لديه ، ثم قال : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [الأنفال : ٦٨] ، يقول : لو لا حكم من الله سبق بالعفو عنكم في وقت أسركم وترككم الاستقصاء في قتل عدوكم لمسكم فيما أخذتم من غنائمهم وفدائهم عذاب عظيم ، فتبارك الله الحليم الكريم. وأخبر الله تبارك وتعالى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قد فعل ما كان غيره أحب إلى الله وأرضى. ولم يتعمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لله في ذلك إسخاطا بل لعله توهم أن الأسر في ذلك الوقت أنكأ للكافرين وأذل وأشقى حتى أعلمه الله أن القتل في وقت قيام الحرب كان أنفع ، وعلى الإسلام وأهله بالخير أرجع.
أفيقول الحسن بن محمد وأشياعه ، ومن كان على الجهل من أتباعه : إن آجالهم كانت قد جاءت فدفعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهم ، فعاب الله عليه ما فعل من دفع وفاتهم وتأخير ما كان الله قد جاء به من حضور آجالهم؟ أم يقولون : إن آجالهم لم تأت ولم تحضر ، وقد بقي لهم من الحياة زمان وأعصر ، فإنه قد كانت لهم مدة باقية ، وأرزاق دارة غير فانية ، فلم يستطع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقطع ما لم يقدر على قطعه من آجالهم ، وأن يبيد ما قد بقي من أعمارهم ، فلامه الله إذ لم يفعل ما لم يستطع ، ويبيد ويقطع من ذلك ما لم ينقطع؟ فلا بد أن يقولوا بأحد هذين المعنيين أو يتقلدوا وينتحلوا أحد هذين القولين ، فيكونوا بانتحال أحدهما كافرين ، وفي دين الله سبحانه فاجرين ؛ أو يقولوا على الله ورسوله بالحق ، فيقروا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن كان معه من الخلق كانوا يقدرون على قتلهم والإثخان لهم وترك