وآله وسلم من أمورهم بما كانوا يتوهمون أنه قد خفي (٣٠١) عليه علمه مما كانوا ظنوه وأجنوه في صدورهم ، فقال ذو المعارج والجلال : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) [الفتح : ١٢] ، فأخبرهم سبحانه بما ظنوا من الظن القبيح في الرسول والمؤمنين وتوهموا ، وما زين في قلوبهم الشيطان من ذلك وأملى ، وأنهم كانوا في ذلك قوما بورا.
وأما قوله جل جلاله ، وتقدس عن أن يحويه قول ويشبهه شيء أو يناله (٣٠٢) : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) فقد تخرج على معنيين وكلاهما إن شاء الله للحق مضاف (٣٠٣)
فأما أحدهما : فأن يكون المرض الذي في قلوبهم هو الشك الذي هم فيه يلعبون من جحدانهم لما يرون من آيات ربهم ، فقلوبهم لذلك مريضة ، فلا يؤدون لله سبحانه من فرائضه فريضة ، فهم في شكهم ولعبهم يترددون وفي خطيئاتهم (٣٠٤) وطغياء حيرتهم يعمهون ، كما قال سبحانه : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) [الدخان : ٩] ، فقد تكون زيادة الله لهم من المرض الذي ذكر أنه في قلوبهم لشكهم وضلالهم الذي به مرضت قلوبهم ومنه دويت صدورهم ، فكلما زاد الله منه نبيه تبيانا وعلما وفضلا وحكما ازداد لذلك مرض قلوبهم تراكما ، وزادهم الله بتنزيل الحق غيظا وغما.
وقد يكون ذلك المرض حل في قلوبهم لشدة الحسد منهم لنبيهم صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما جعل الله من البركات واليمن في كل الحالات لديه ، ولما خصه الله به دونهم وآثره به سبحانه عليهم من هبوط الملائكة نحوه ، وما عظّم به الله له خطره وقدره ، فجعله الله له صفيا يوحي إليه وينزل إليه وحيه بفرائضه عليه ، وما خصه به من أن جعل طاعته
__________________
(٣٠١) في (ب) : غبي.
(٣٠٢) في (ب) : عن أن يشبهه شيء أو يناله.
(٣٠٣) في (ب) : مصيبان.
(٣٠٤) غير موجودة في (ب).