آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) [مريم : ٢٩] ، فلما أن اختلفوا وعلى الحق لم يأتلفوا ، كفر بعضهم بعضا ، وبرئ فاسق من منافق ، ومنافق من فاسق ، وخذلهم الله فيه ، ولعنهم سبحانه عليه ، غريت بينهم العداوة إلى يوم القيامة ، فلما كان عزوجل الذي خذلهم فضلوا ، وتركهم فهلكوا ، قال : (فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ، وهذا ولله الحمد في اللسان معروف.
تم جواب مسألته
المسألة الحادية والعشرون : معنى قول الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ...)
ثم أتبع ذلك المسألة ، فقال : خبرونا عن قول الله : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) [الفتح : ٢٤] ، وذلك يوم الحديبية ؛ فسلهم : هل كان واحد من الفريقين يستطيع أن يبسط يده إلى أخيه ، والله عزوجل يخبر أنه قد كف بعضهم عن بعض بإرادة لا بأمر؟ فإن قالوا : نعم ، قد كانوا يستطيعون أن يقاتل بعضهم بعضا ؛ كذبوا كتاب الله عزوجل. وإن قالوا : لا ؛ فهذا نقض لقولهم.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) ، فقال : هل كان يستطيع أحد أن يمد يده إلى عدوه ، وقد كف الله سبحانه أيدي حزبه من رسوله والمؤمنين عن حزب الشيطان الفاسقين ، وأذن لرسوله وأطلق له مهادنة قريش ، ومن معهم من المشركين نظرا منه سبحانه للمؤمنين ، ففعل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لما أن طلبته قريش منه ، ولو لم يأذن الله له عزوجل في ذلك لم يفعله ، ولم يك ليرجع يوم الحديبية حتى يقاتلهم ، وعلى الحق وبالحق ينازلهم ، ولقد أراد ذلك صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبايع