فكان أحدهم إذا هدم لحاف (٣٦٤) بيته بطل البيت ، ثم خرجوا على الإبل بالتحف ، فذلك قول الله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) ، فخرجوا جالين ، ولنعمهم تاركين ، وذلك قول أصدق الصادقين : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) [الحشر : ٣] ، والتعذيب فهو القتل. فكان الرعب الذي قذفه الله في قلوبهم هو ما كان من خذلانه لهم حتى عمي عليهم رشدهم ، وفاسدوا إخوانهم ، ودخل الفزع عند ذلك من النبي والمؤمنين في قلوبهم ، وأيقنوا أنه إذا علم بما كان من مظاهرتهم (٣٦٥) عليه وصاروا من الغدر به إليه أنه لا يتركهم وأنه يقاتلهم على فعلهم حتى يظهر الله عزوجل الحق ، ويزهق الباطل من الخلق ، وهذا معنى إلقاء الله الرعب في قلوب الفاسقين لما أرادوا من هلاك المؤمنين. وكذلك كان فعله بأهل خيبر حتى أخذوا وأسروا وقتلوا وسبوا ، فهذا قولنا في إلقاء الله الرعب في قلوب الفاسقين ، لا ما ذهب إليه من خالف المحقين ، وعند من قول الصدق في رب العالمين.
تم جواب مسألته
المسألة السادسة والعشرون : معنى قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ)
ثم أتبع ذلك المسألة عن الذرو بالإرادة ، فقال : خبرونا عن الذرو بالإرادة ، فإن الله يقول : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ
__________________
(٣٦٤) المراد قطع الخشب التي هي بمثابة قوائم للأبواب والنوافذ وهي التي تشد الجدر بعضها إلى بعض.
(٣٦٥) في (ب ، ج) : مظافرتهم.