فقال : أغفلت تغلب من معروفك ؛ أي تركتها من عطائك ونوالك ومنتك وأوصالك. ثم قال : فخلت قلبك منهم مغضبا قاسي ؛ فقال : منهم ؛ وإنما يريد : عليهم مغضبا. فأقام حرف الصفة وهو (من) مقام أختها ، وهي (على) ، فأقام (منهم) مقام (عليهم) ، فهذا معنى الآية إن شاء الله ومخرجها ، لا ما توهم الجهال على ذي المعالي والجلال من الجبر لعباده والإضلال والظلم والتجبر بالإغفال.
تم جواب مسألته
المسألة الثالثة والثلاثون : معنى قوله تعالى : (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)
ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله في الأز ، فقال : خبرونا عن قول الله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [مريم : ٨٣] ، فيقال لهم : هل أراد الله سبحانه أن يؤمن هؤلاء الذين أرسل عليهم الشياطين؟ فإن قالوا : نعم ؛ فقد كفروا وجحدوا ، وإن قالوا : لا ؛ فقد نقض ذلك قولهم.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ، فقال : هل أراد الله من هؤلاء الذين أرسل عليهم الشياطين تأزّهم أن يكونوا به من المؤمنين؟ وبما أنزل عزوجل من المصدقين؟ وقد أرسل عليهم مردة الشياطين؟! فتوهم بجهله أن الله أرسل الشياطين على الآدميين إرسالا ، وجبرهم على تحييرهم وتضليلهم جبرا ، وأدخل الشياطين في إغوائهم قسرا ، ليضلوهم عن الهدى ، ويوقعوهم في الردى ، وأن ذلك كان من الله للشياطين أمرا وقضاء قضى به عليهم قسرا. وليس ذلك كما قال ، ولا على ما ذهب إليه من فاحش المقال. وكيف يرسل الشياطين على عباده إرسالا ، ويدخلها في الإغواء لهم إدخالا ، ثم يعذبها عليه ، ويعاقبها فيه؟! ألا تسمع كيف