المسألة الخامسة والثلاثون : معنى قوله تعالى : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) وهل كان في قدرة جميع العباد أن يطيعوا الله ولا يعصوه؟
ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله سبحانه : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) [غافر : ٦] ، وقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ، وقوله : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) [السجدة : ١٣] ، فقال (٣٨٢) : أخبرونا عن بني آدم كلهم ، هل كانوا يستطيعون أن يطيعوا الله جميعا فلا يعصوه؟ ويعبده كلهم حتى لا يعبدوا غيره؟ فيوجب لهم الجنة ، ويحرم عليهم النار ، فلا يدخلها أحد منهم؟ فإن قالوا : نعم ؛ فقد كذبوا بكتاب الله ، وزعموا أنهم يقدرون على أن يبطلوا قول الله تبارك وتعالى عن ذلك. وإن (٣٨٣) قالوا : لا ، لم يكونوا يستطيعون أن يطيعوا ولا يعبدوا ؛ كان ذلك نقضا لقولهم ، وإبطالا لحجتهم.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) ، فقال : خبرونا عن قول الله : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) ، فقال : هل يستطيع هؤلاء أن يطيعوا ، وقد حق عليهم من الله القول والأمر ، ووقع الحكم والجبر؟ فتوهم الحسن بن محمد لقلة علمه وكثرة جهله أن الله تبارك وتعالى حكم عليهم بما أدخلهم فيه وجبلهم عليه ، فظلّم ربه وكفر نفسه ، وليس ذلك على ما قال ، ولا على ما ذهب إليه من المحال ، وسنفسر ذلك من قول الله
__________________
(٣٨٢) في (ب) : فيقال.
(٣٨٣) في (ب) : فإن.