ونسب إليه سبحانه الجاهلون ، من ظلم العباد ، والإدخال لهم في الفساد.
تم جواب مسألته
المسألة السادسة والثلاثون : في تفضيل بعض الخلق على بعض
ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله سبحانه : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) [الإسراء : ٢١] ، فيقال لهم : ألستم تقرون أنه قد فضل بعض خلقه على بعض في الدنيا والآخرة وخصهم؟ وخص بذلك بعض خلقه دون بعض؟ فإن قالوا : نعم ؛ انتقض قولهم ، فإن الطاعة والإيمان مما فضل الله به عباده وخصهم به من رحمته. وإن قالوا : لا ؛ فقد جحدوا بآيات الله وكذبوا كتابه.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه من قول الله جل جلاله : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) ، فقال : إن الله سبحانه فضل قوما ـ بأن أدخلهم في الإيمان ـ على قوم أدخلهم في الكفر والعصيان ؛ فضلّ بذلك وغوي ، وهلك عند الله وشقى ، ونسب إلى الله سبحانه من ذلك الجور والردى ، فتعالى وتقدس عن ذلك ربنا. وليس كما قال الجهال من أهل السفاهة والضلال ، بل هو كما قال ذو الجلال حين يقول : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) [الشورى : ٤٩] ، وكما قال سبحانه لنبيه عليهالسلام : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [طه : ١٣١] ، ففضل بعضهم على بعض بما وهب من الذكور ، وبما يجعل ويوسع به من الأرزاق ، ويمن به ويتفضل على من يشاء من الأرفاق ، وما يرزق من يشاء من الحسن والجمال والمنطق والكمال ، وكم قد رأينا وفهمنا وعاينا من مولود يولد أعمى ، وآخر يكون ذا زيادة ونقصان ، وآخر سوي غير زائد ولا ناقص ، قد تمت عليه من الله النعماء ، وصرفت عنه وعن والديه فيه البلوى. فهذا وما كان مثله مما فضل الله به بعضا على بعض