مما ليس لهم فيه على الله حجة يفعل من ذلك ما يشاء سبحانه ذو الجلال والحكمة ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وأما قوله : (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) ، يقول : إن إعطاءنا وامتنانا ومجازاتنا لأهل طاعتنا في معادهم وآخرتهم على أعمالهم أكبر درجات وأكبر تفضيلا ، على اجتهادهم في مرضاتنا ، فمن كثر عمله بالخير كان عند الله في الآخرة أكبر درجات ممن نقص عمله ، وذلك قوله سبحانه : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الأنعام : ١٦٠].
تم جواب مسألته
المسألة السابعة والثلاثون : في سلطان الشيطان
ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله تبارك وتعالى لإبليس : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجرات : ٤٢] ، وقال : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل : ٩٩] ، وقال إبليس : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر : ٣٩] ، فقال : أخبرونا عن هذا السلطان ، ما هو؟ فإن قالوا : هو التخييل ؛ فقل : فما أكثر ما لقي منه المؤمنون وأطفالهم. وإن قالوا : هو الدعاء ؛ فقل : فهذا ما (لا يدعوا) (٣٨٥) به المؤمن والكافر ، والخلق كلهم حتى عرض للأنبياء فدعاهم ، والتمس فتنتهم ، فدعاهم كلهم إلى المعصية. وإن قالوا : هو التضليل ، ولن يصل بذلك إلى عباد الله المؤمنين لأن الله عصمهم ، وهو الوكيل عليهم ؛ فقد أجابوا ، ونقض ذلك قولهم.
تمت مسألته
__________________
(٣٨٥) هكذا في الأصل ، ولعل الصواب حذف (لا).