وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٢٥] ، فجوابنا في ذلك : أن الشرح من الله هو التوفيق والتسديد ، والتبصير والتنبيه ، وأن معنى قوله جل جلاله : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) ، هو بما يدارك عليه من الأمر والدعاء ، وما أمر به عبده ورسوله ونزل عليه ، فكلما زاد الله في إقامة الحجة عليهم والدعاء لهم ، وإظهار الحق لديهم ازدادوا طغيانا وإثما وتماديا وعمى ، فخذلهم الله لذلك وأرداهم وأذلهم وأشقاهم ، فعادت صدورهم لما فيها من الشك والبلاء وما يخافون من ظهور الحق عليهم والهدى ، ضيقة حرجة ، كأنما تصعد في السماء. وإنما مثل الله ضيقها بالتصعيد في السماء ؛ لأن التصعيد أشد الشدة ، وأعظم البلاء ، ولذلك ما قال الله جل ثناؤه في الوليد بن المغيرة المخزومي : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) [المدثر : ١١ ـ ١٧] ، فلما أنعم الله عليه بما ذكر ، فأبى وأعرض واستكبر ، وخالف وكفر ، وعده الله إرهاق الصعود ، وهو الأمر الصعب الشديد من العذاب في دار الآخرة بالنار والأغلال (٣٨٧) الحديد ، فلما كان الصعد الذي لا تعرّض فيه ، ولا سهولة في حيله ، وأنه مصعد فيه أبدا ، وكان أشد ما يلقى من سلك سبيلا ما شيا أو راكبا ؛ مثّل الله لهم ما أعد من العذاب والبلاء.
تم جواب مسألته
المسألة التاسعة والثلاثون : في حاجة العباد إلى تأييد الله تعالى
ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عن قول الله سبحانه في التأييد ، وذلك قوله لعيسى بن مريم : (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [البقرة : ٨٧] ، وقوله للمؤمنين : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [الصف : ١٤] ، في آي
__________________
(٣٨٧) في (ب) : وأغلال.