شَطَطاً) ، فآخر هذه الآية دليل على تفسير ما سأل عنه في أولها ، ألا تسمع منه كيف ذكر عنهم ما ذكر من الإيمان والإخلاص لله الواحد الرحمن ، فلما أن آمنوا زادهم إيمانا ، وكذلك يفعل الله بعباده المؤمنين ، ألا ترى كيف قال : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) ، فكذلك يفعل الله بمن آمن واتقى ، كما يخذل من عند عن أمره وعصى. ولو لا ما ركب فيهم من الاستطاعة (أولا ما نالوا زيادة الله لهم في الهدى آخرا ، ولكن بما جعل فيهم من الاستطاعة ما يقدرون) (٣٩٤) على الطاعة والعصيان ، فآثروا الطاعة ورفضوا المعصية ، فصاروا بذلك مؤمنين ، فاستأهلوا من الله الزيادة في كل خير ، والدفع منه عنهم لكل ضير. ألا ترى كيف يقول : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) ، يقول : لما أن عملوا الطاعة بما فيهم من القدرة والاستطاعة زدناهم من الخير والكرامة.
ثم قال الحسن بن محمد : وكذلك الله يفعل ما يشاء ، يضل من يشاء ، ولا يسأل عما يفعل ، والخلق يسألون ، فتوهم ـ ويحه ـ أن الله سبحانه يضل عن سبيل الرشاد قوما منعهم بالإضلال عن الرشاد ، (وكيف يكون ذلك ، وقد أمرهم بالاهتداء) (٣٩٥) ، وبعث إليهم الأنبياء يدعونهم إلى البر والتقوى ، وهم لذلك غير مستطيعين ، ولا عليه مقتدرين ، لقد إذا ظلمهم فيما إليه دعاهم ، إذ عنه قد حجرهم وأغواهم ، فتبارك الله عن مقالة الجهال من أهل الجبر والضلال.
جواب المسألة الأربعين :
وأما ما تكلم وموّه به ، فقال : إن سألونا عن أفعال العباد : مخلوقة هي؟ أم غير مخلوقة؟ ثم قال : هي مخلوقة إذ نسبها الله إليه كما نسب غيرها من أفعالنا إليه ، من ذلك قوله :
__________________
(٣٩٤) سقط من (ب).
(٣٩٥) ساقط من (ب).