وخلق بعض المعصية ولم يفعل عظائم العصيان) (٣٩٧) ، ولا فوادح ما تأتي به من الكفران. قيل له : فلا نراك إلا قد أثبت للعبد فعلا لا محالة دون الرحمن ، فإن جاز أن يكون من العبد فعل لم يخلقه الله ولم يفعله جاز أن تكون له أفعال كثيرة ، وأمور جمة غير يسيرة ، والأمر في ذلك فعلى قولنا لا على قولك ، وشرحنا بحمد الله لا شرحك ، لأنك قد أجمعت معنا على قولنا إذ قد أقررت لنا ببعض فعلنا ونفيته عن خالقنا وربنا ، ونحن لا نطيعك في قليل من ذلك ولا كثير ، ولا ننسب إلى الله من أفعال عباده عظيما ولا حقيرا ، فهذا قياس ما إليه ذهب ، لا ما ارتكب فيه من المحال والعطب.
جواب المسألة الحادية والأربعين :
ثم (٣٩٨) قال : إن قال قائل : خبرونا عن العباد ، أمجبورون على الأعمال من الإيمان والكفر والطاعة والمعصية والغدر؟ أم لا؟ فقل : منهم من هو مجبور على الطاعة فهم أهل مكة ، افتتحها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قسرا ، فأسلموا لذلك كرها ، ولو لم يسلموا قتلهم واستحل دماءهم وأموالهم ، فهذا وجه القسر والجبر ، وأما الوجه الآخر : فإن الله قذف في قلوبهم الهدى ، وحبب إليهم الإيمان ، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، ثم قال : (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) ، ثم قال : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
فردنا عليه فيما يقول ، أنّا نقول : الحمد لله على ما رزقنا من العقول ، والفهم بما نقول ، فيا ويح الحسن بن محمد! الجاهل المجبر في أمره الغافل ، بينا يقول : إن الله يجبر العباد على الطاعة له والانقياد ؛ إذ رجع فصرف ذلك إلى الرسول ، فيا ويح ذي الجهل! من نازعه في
__________________
(٣٩٧) سقط من (ب).
(٣٩٨) سقط من (ب).