باب إثبات النبوة
سألت أكرمك الله فقلت : إن سألني ذمي عن إثبات نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من أين ثبتت؟ فقلت : ما أقوله له؟
الجواب في ذلك أن يقال له : ثبتت نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحت من حيث ثبتت نبوة موسى وعيسى صلوات الله عليهما ، والذي ثبتت به نبوتهما في بني إسرائيل ووجبت طاعتهما فيه ثبتت نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم سواء سواء.
فإن قال : وما ذلك الذي ثبتت به نبوتهم؟
قيل له : هي المعجزات التي أتوا بها ، والآيات التي أظهروها ، التي لا ينالها مخلوق ، ولا تكون إلا من الخالق ، ومعجزات كل واحد منهم معروفة عند أهل العلم ، وقد شرحنا ذلك في مسائل ابني أبي القاسم التي في إثبات النبوة والوصية والإمامة. والجواب في مسألتك هذه للمسلم والذمي سواء.
ويقال : إن كانت معجزات موسى وعيسى أثبتت نبوتهما على أممهما ، فقد أثبتت نبوة محمد معجزاته على جميع الخلق ، وإن لم تكن معجزاتهما أثبتت نبوتهما عندك ، فأخبرنا بما ثبتت نبوتهما مما هو غير ذلك ، حتى نأتيك في محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بحجج تقطعك وتقمعك. فلا تجد بدا إن شاء الله أن تقول : إن المعجزات من الآيات هنّ اللواتي يثبتن ويصححن النبوة ، ويقمن لله ولرسوله الحجة على الأمة. فإذا أقر بنبوة محمد لثبات الحجة عليه ووضوحها لديه ولزومها له ، إذ إقراره بها يثبت نبوة نبيه ، ومكابرته فيها وقوله بالدفع لها تبطل قوله في نبيه قيل له : اتق الله وأجب محمدا داعيا إلى الله ورسوله إليك وإلينا.
فإن قال : قد أثبتم علي الحجة بما لم أقدر أن أدفعه في إثبات نبوته إلا أن أدفع نبوة نبيي فقد أقررت لكم بنبوته حين اضطررت إلى ذلك ، فهو نبيكم ورسولكم وليس إلينا