أمرها فرجعت. ومنه كلام الذراع المسمومة له. وواحدة من هذه الأعلام تجزي بعد أن تكون معجزة للخلق ، فلمّا أن أتى صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه المعجزات الأعلام التي ذكرنا علمنا أنه نبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإن قال : فما الدليل على أنه جاء بهذه الأعلام التي تذكرها ومن خالفك لا يقر لك بذلك؟
قيل له : الدلائل على ذلك الأخبار المتواترة التي لا يجوز على مثلها الشك عن قوم مفترقي الديار ، بعيدي الهمم ، مختلفي التجارات والصناعات والألسن والألوان. نعلم (٤١٦) أن مثلهم لا يجوز عليهم الاجتماع والتواطؤ ، فلما أجمعوا ينقلون هذا الخبر علمنا عند خبرهم إذ جاء هذا المجيء أنه حق وصدق ؛ لأنه لو جاز على مثل ما ذكرنا التواطؤ (٤١٧) لكنّا لا ندري لعلنا إذا دخلنا مثل البصرة والكوفة أو بعض هذه الأمصار التي لم ندخلها فقيل لنا هذه مكة ، هذه الكوفة ، وهي المدينة انهم قد كذبوا ، وأن أهل البلد قد تواطؤ على أن يخبرونا بخلاف ذلك.
فإن قلت : لا يجوز لأهل بلد واحد أن يتواطأ ويجتمعوا على شيء واحد.
قلنا : وكذلك لا يجوز أن يكون من خبرنا عن نبينا محمد عليهالسلام أنه فعل كذا وجاء بكذا ، وأخبر عن كذا ، أن يكونوا كذبوا ، لاختلاف أجناسهم ، وبعد همهم.
فإن كان السائل يهوديا فارجع عليه فقل : بم صحّ عندك نبوة موسى؟ فإنه يقول بالأعلام التي جاء بها التي يعجز الخلائق عن مثلها.
قيل له : وبم علمت أنه جاء بالأعلام؟
فإن قال : بإخبار من خالفنا ، فلما أن أجمعتم معنا والنصارى معكم مع خلافكم لنا علمنا أن مقالنا كما قلنا ، وأن خبرنا حق.
قلنا له : فأخبرنا عن أسلافكم الذين كانوا قبل أن تكونوا إذ كانت النصارى لم تصح
__________________
(٤١٦) في (ج) : يعلم.
(٤١٧) أي على الكذب.