وغروره ، فقاسمه على ما ذكر الله في كتابه فقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠] ، فاستعجل آدم فأكل من الشجرة ، ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله ، فعوقب في استعجاله في أكلها ، وقلة صبره لانتظار أمر ربه.
قلت : فكيف كان كلام إبليس وخدعه إياه؟ هل كان تصور له جسما ورآه عيانا؟
فقال : إنما سمع آدم كلامه ولم يره جسما ، وقد رويت في ذلك روايات كذب فيها من رواها ، وكيف يقدر مخلوق أن يخلق نفسه على غير مركب خلقه وفطرة جاعله ، هذا ما لا يثبت ولا يصح عند من عقل وعرف الحق.
قلت : فقد كان محمد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يخاطب جبريل ويعاينه على عظيم خلقه وجسيم مركبه؟.
قال : إنما كان جبريل عليهالسلام ينزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في صورة لطيفة يقدر على رؤيتها وعيانها. وصح عندنا أن النبي محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى جبريل في صورة دحية الكلبي ، وإنما ذلك خلق أحدثه الله فيه وركبه عليه ، لما علم من ضعف البشر ، وأنهم لا يقدرون على النظر إلى خلق الملائكة لعظيم خلقهم وجسيم مركبهم ، فلما علم الله تبارك وتعالى من محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك ، ولم يكن جبريل عليهالسلام يقدر على تحويل صورته ومركبه من حال إلى حال ، لضعف المخلوقين وعجزهم عن ذلك ، نقله الله سبحانه على الحالة التي رآه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها ، نظرا منه سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما فعله الله فليس من فعل خلقه ، فلك في هذا كفاية إن شاء الله.
قلت : فهل كان آدم صلى الله عليه طمع في الخلود لما قاسمه إبليس على النصح؟
قال : إنما كان ذلك منه صلى الله عليه طمعا أن يبقى لطاعة الله ولعبادته ، فأراد أن يزداد بذلك قربة من ربه.
قلت : فما معنى قوله : (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) [طه : ٢١]؟
قال : معنى قوله : (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) [طه : ١٢١] فهو سوء فعلهما ، لا كما يقول من جهل العلم وقال بالمحال ، إن الله كشف عورة نبيه وهتكه ، وكيف يجوز ذلك على الله