في أنبيائه ، والله لا يحب أن يكشف عورة كافر به ، فكيف يكشف عورة نبيه.
قلت : فقوله : (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) [الأعراف : ٢٧]؟
فقال : قد اختلف في ذلك ، ورويت فيه روايات ، وأصح ما في ذلك عندنا ، والذي بلغنا عن نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لباسهما هو لباس التقوى والإيمان ، لا ما يقول به الجاهلون من أنه لباس ثياب ، أو ورق من ورق الشجرة ، فهذا معنى قوله : (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) [الأعراف : ٢٧] ، وإنما أراد بذلك من قوله لباسهما أي لباس التقوى بما سول ووسوس لهما من الكذب ، والمقاسمة التي سمعها منه.
قلت : فقوله : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٢٢]؟
قال : إنما كانا في الجنة في ظلها ، وتحت أشجارها ، فلما خرجا منها وأصابتهما الشمس بحرها ، ورمض الأرض ، فأراد أن يجعلا لهما موضعا يكون لهما فيه ظلال كما يفعله من خرج من منزله في سفر ، ومن بيته إلى غيره من البوادي وغيرها ، فلا يجد ظلا ولا مسكنا ، فلا يجد بدا من أن يعرش عريشا يكنه ويستره من الحر ، ويقيه من شدة البرد ، فهذا معنى قوله يخصفان.
قلت : فالجنة التي كانا فيها أفي السماء كانت أم في الأرض؟
قال : هي جنة من جنان الدنيا ، والعرب تسمي ما كان ذا أثمار وأنهار جنة.
قلت : فقوله : (اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) [البقرة : ٣٨]؟
قال : ذلك جائز في لغة العرب ، ألا ترى أنك تقول : هبطنا نجران ، وهبطنا اليمن ، ونريد أن نهبط الحجاز (٤٣٩) ، فلما كان ذلك معروفا في اللغة جاز أن يقول اهبطوا منها.
وسألته عن قول الله تبارك وتعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٣٧] : ما الكلمات التي تلقاها آدم من ربه؟
قال : قد اختلف فيها ، والصحيح عندنا أن الكلمات هو ما كان الله تبارك وتعالى قد أعلمه بخلق من سيخلقه من ذرية آدم ونسله ، وأنه سيكون منهم مطيع ومنهم عاص
__________________
(٤٣٩) قلت : والشاهد القوي القرآني قوله تعالى : (اهْبِطُوا مِصْراً) أي : ادخلوا. ا ه من هامش (أ).