قصة يونس عليه الصلاة والسلام
وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء : ٨٧]؟
فقال : أما ذو النون فهو يونس ، والنون : فهو الحوت. وأما قوله : (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) [الأنبياء : ٨٧] ، فإنما كان ذهابه غضبا على قومه ، واستعجالا منه دون أمر ربه ، لا كما يقول الجهلة الكاذبون على أنبيائه ورسله صلوات الله عليهم ، من قولهم إن يونس خرج مغاضبا لربه. وليس يجوز ذلك على أنبياء الله صلوات الله عليهم ، وإنما كان ذلك كما ذكرت لك من غضبه على قومه ومفارقته لهم ، واستعجاله دون أمر ربه ، وهو قوله لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ) [القلم : ٤٨] ـ وهو يونس ـ يقول : لا تعجل كعجلته ، واصبر لأمري وطاعتي ، ولا تستعجل كاستعجاله. فهذا معنى قوله : (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) [الأنبياء : ٨٧] ، وهو قوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء : ٨٧] أراد بذلك من قوله : (فظن) ، أي : أفظن أن لن نقدر عليه؟ وهذا على معنى الاستفهام ، ولم يكن ظن ذلك صلى الله عليه ، وهذا مما احتججنا به في الألف التي تطرحها العرب وهي تحتاج إلى إثباتها ، وتثبتها في موضع وإن لم تحتج إليها ، مثل قوله : (فَلا أُقْسِمُ) وإنما معناها : ألا أقسم ، وقوله : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) [البقرة : ١٨٤] ، فطرح الألف (٤٤١) وهو يريدها ، ومن ذلك قول الشاعر :
نزلتم منزل الأضياف منا |
|
فعجلنا القرى أن تشتمونا |
وإنما أراد : ألّا تشتمونا ؛ فطرح الألف ، ومثل هذا كثير في الكتاب ، وهو حروف الصفات.
__________________
(٤٤١) يريد ألف (أفظنّ). تمت. وفي هامش (أ) : عبارته عليهالسلام في الأحكام بعد ذكره البيت واستشهاده به على ما ذكر هنا : فطرح اللام وهو يريدها. أي مع الألف ، وهي أرجح مما هنا ولعله غلط من الناسخ فليتأمل والله أعلم.