وقاتلهم ، فقتلهم وأبادهم. وسار إلى القرية الثانية ، فدعا أهلها وأعذر إليهم وأنذرهم ، فأجابه منهم طائفة ، فحمل المطيع على العاصي ، فقتلهم وأبادهم. ثم سار إلى القرية الثالثة ، وكانت أعظمها وأشدها بأسا ومنعة ، فدعاهم إلى الله وأعذر إليهم وأنذر ، وحذر ما حل بإخوانهم ، فلم يجبه منهم أحد ، واستعصموا على كفرهم ، فسار إليهم وخرجوا إليه ، فحاربهم فلم يقدر عليهم. فلما كان بعد وقت وعلم الله منه الصبر على ما أمره به من طاعته ، والإعذار إلى خلقه ، أمر الله جبريل صلوات الله عليه ، فطرح بينهم نارا ، ثم أرسل الرياح فأذرت النار عليهم وعلى منازلهم ورحالهم ، فأحرقتهم جميعا (٤٤٤) ودمرتهم ، فهذا ما سألت عنه من خبر يونس عليهالسلام.
قصة أيوب عليه الصلاة والسلام
وسألته : عن قول أيوب صلوات الله عليه : (إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٤١].
فقال : معنى قوله : (مَسَّنِيَ) فهو ما كان من كلامه ووسوسته له ، وذلك أن أيوب صلى الله عليه كان قد جعل ضيافة أضيافه إلى امرأته ، فأتاه إبليس اللعين ، فقال : يا أيوب
__________________
(٤٤٤) ينظر ويحقق صحة ذلك عن الهادي عليهالسلام فإن القرآن يمنع من صحة ذلك ، فإن الله عزوجل قال : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) ، كشف الله عنهم العذاب بعد ما تدلى ، ولم يكن ذلك لأمة غير أمة يونس بن عين ، رفع العذاب بعد تدليه كما ذلك مشهور لهم في كتب التفسير فاعلم.
يقال : ذلك قبل أن يذهب مغاضبا ، وهذا بعده ، ولا منافاة ، فإن القوم المرفوع عنهم العذاب هم قومه قبل الذهاب ، ثم بعد الذهاب دعى إلى الله ثانيا فأجاب من أجاب وارتبك من ارتبك في العذاب ، وليس قوله : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) يدل على أن من أطاعه وأجابه وقد سلموا من موارد العطب وأمنوا من مهالك النشب ، وهذا الظاهر فالحمل عليه قدح قامر. تمت مؤيدي من هامش (أ).