حتى نقي بدنه ، ورجع إلى أفضل ما كان عليه أولا ، ورد الله عليه أهله وماله ، وأمره أن يأخذ ضغثا ، فيضرب المرأة كفارة اليمين التي حلف.
فقال بعض الرواة : إنه أخذ من هذا الذي يكون فيه التمر ، فجمع منه مائة عصا فضربها ضربة. وقال بعضهم : إنه ضربها ضربتين ، واختلف في ذلك ، غير أن الصحيح من ذلك أنه قد جمع ضغثا فضربها به.
قلت : فإبليس كيف كان إتيانه إلى أيوب صلى الله عليه؟
قال : لم يره عيانا ، وإنما سمع كلامه ولم ير شخصه. وقد قال بعض الجهلة إنه تصور له في صورة غير صورته ، وليس ذلك كما قالوا ، وكيف يقدر مخلوق أن يغير خلقته ، ويحول نفسه صورا مختلفة ، وليس يقدر على ذلك إلا الله رب العالمين الذي خلق الصور والأجسام ، ونقلها من حال إلى حال ، فسبحان الله رب العرش عما يصفون ، ولا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
قصة يوسف عليه الصلاة والسلام
وسألته : عن قول الله سبحانه في يوسف صلى الله عليه من قوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) [يوسف : ٢٤] ، كيف كان همها به وكيف هم بها؟
فقال كان همها هي : هم شهوة ومراودة ، وكان همه هو بها : هم طباع النفس والتركيب. ألا ترى أنك إذا رأيت شيئا حسنا أعجبك وحسن في عينك ، وإن لم تهم به لتظلمه ، وتأخذه غصبا من أهله. وكذلك إذا رأيت طعاما طيبا ، أو لباسا حسنا أعجبك ، وتمنيت أن يكون لك مثله ، وأنت لا تريد بإعجابك به أخذه ولا أكله ، إلا على أحل ما يكون وأطيبه ، ولم ترد بقولك إنك تأكله أو تلبسه أو تنكحه إلا حلالا.
قلت : بلى.
قال : فكذلك كان هم يوسف صلى الله عليه في زوجة الملك.
قلت : قد سمعنا بعض الرواة يذكر أنه منع يوسف عليهالسلام من إتيانها أنه رأى يعقوب صلى الله عليه كأنه يزجره عنها ويخوفه.