ربه لها لما كان ذلك من فعله وتدبيره ، وأمره وإرادته وهو كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : ٢١٠] ، يقول : تأتيهم الآيات ، وما يريد أن يحل بهم من العذاب والنقم والآفات.
وقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣] ، فمعنى قوله ناضرة : يقول : نضرة مشرقة حسنة ، وهذا معروف في اللغة والبيان ؛ تقول العرب للرجل إذا أرادت له خيرا : نضر الله وجهك.
وقوله (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) : أي ناظرة لثوابه ، وما يأتيهم من خيره وفوائده. ومن ذلك ما يقول العرب : قد نظر الله إلينا ؛ وقد نظر الله إلي بني فلان ؛ إذا أصابهم الخصب بعد الجدب ، والرخاء بعد الشدة ، وإنما أراد بذلك أن الله قد رحمهم ، وأتاهم بالنعمة.
فلما أفاق موسى صلى الله عليه قال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف : ١٤٣] ، يقول : لو ابتليتني وأريتني وأظهرت لي من بعض ما سألتك مما أهلكت به الجبال الراسية لما قام بها جسمي ، ولأهلكتني بقليلها ولما احتمل ذلك لطيف خلقي ، وضعف مركبي ، أنظر إلى عظيم ما ذهبت به الجبال الراسية ، فلك الحمد على ما صرفت عني من ذلك رحمة منك بي ، وتفضلا علي وزيادة وإحسانا إلي.
فهذا معنى قوله : (أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ، لا ما ذهب إليه من جهل ، وزعم أن الله يرى ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، كيف وهو يقول في كتابه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣].
آيات موسى التسع
وسألته عن قول الله سبحانه : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) [الإسراء : ١٠١] ما الآيات التي آتاه الله تعالى؟
فقال : العصى التي تلقف ما يأفكون.
ومنها اليد البيضاء ، وهو قوله : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) [النمل : ١٢].