وله صلوات الله عليه :
الرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه
بسم الله الرحمن الرحيم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه :
يسأل من قال : إن بعض القرآن قد ذهب ؛ وأنكر أن يكون هذا القرآن الذي في أيدي الناس هو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعينه ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، فيقال له : خبرنا عن حجج الله سبحانه على عباده ما هي؟ وكم هي؟ فلا يجد بدا أن يقول : هي الكتاب ، والمرسلون ، والعقول ، والأئمة الهادون.
فإذا أقر بذلك ، وكان الأمر عنده كذلك ، قيل له : أليس في كل حجة لله فروض له مؤكدة لا بد من العمل بها واستعمالها؟
فإن قال : لا ؛ كفر ، وإن قال : نعم ؛ قيل له : ما فرض كل واحدة منهن الذي لا بد من استعمالها به؟ وما معنى جعل الله لها؟
فإن كان جاهلا جهل ذلك ، وإن كان عالما أجاب في ذلك بالحجة والصواب ، فقال : حجة العقول ركبت وجعلت لتدل على خالقها بما تستدركه من مجعولات جاعلها ، وتميزه من فعل فاعلها ، جعلت للإقرار بالله ، والتمييز بين الأمور ، ومعرفة الخيرات والشرور. والأنبياء فأرسلت تدعو إلى الله تنذر يوم التلاق ، وتحتج على العباد للواحد الخلاق ، وتبين لهم ما فيه يختلفون ، وما إليه من العمل يدعون. والأئمة من بعد الرسل فجعلت لتدل على شرائع الأنبياء ، وتحكم بالحق بين العباد ، وتنفي من الأرض الغي والفساد. وأما الكتب ففيها فرائض الرحمن وحججه ، وحلاله وحرامه ، وتبيين ما أحل الله لعباده ، وما حرم عليهم. وما أمرهم به ، وما نهاهم عن فعله ، وما وكد من أحكامه فيهم ، وما أوجب في