قال من ذلك ـ لو كان ـ يدرأ الحد ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ادرءوا الحدود بالشبهات.» وهذا القول الفاسد ، المحال ، الكاذب ، المضل ، الضال ، فلو أجاب إليه المسلمون قائله ، أو جاز أن يقول به المؤمنون ، لوجب عليهم وعلى إمامهم أن يأتوا بناسخه ومنسوخه ، وجميع ما ذهب منه ، وإلا فلم يجب لهم على كل ذي حد يد ؛ لأن كل ذي حد ـ وجب عليه في شيء أحدثه ـ يزعم ويدعي أن حكم الله بالأدب في ذلك منسوخ ، ويقول إنه لا يحد بهذا الحد في هذا الجرم ، وإن حده غير هذا الحد الذي في هذه البقية بزعم من يزعم أن القرآن ناقص ، ويقول : هلموا ما ذهب منه فاتلوه ، فإن لم تجدوا فيه ما ينسخ هذا فحدوني ، وإن وجدتم فيه ما أدعي فخلوني. فتعالى الله عما يقول فيه المبطلون علوا كبيرا ، والحمد لله رب العالمين كثيرا ، الحافظ لكتابه ، المانع له من كل خطأ وزلل أو ذهاب أو نقصان.
حفظ الله لكتابه
وكيف يذهب من القرآن قليل أو كثير وهو حجج الواحد اللطيف الخبير ، وفيه فرائضه على الخلق سبحانه ، فقد حفظ ومنع من كل شان من الشأن ، فيا ويل من قال بنقصان الفرقان ، أما سمع قول الواحد الرحمن : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج : ٢١ ـ ٢٢] ، فأخبر أن القرآن عنده محفوظ له جل جلاله ، وفيه ما يقول : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت : ٤٢] ، ويقول سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجرات : ٩] ، فأخبر أنه لما نزل من الذكر حافظ. ولم يلفظ بغير الحفظ فيه لافظ إلا عم جاهل ، وعن الرشد والحق زائل ، ولقول الله مبطل معاند ، ولما ذكر الله من حفظه له جاحد ، وفي ذلك ما حدثني أبي عن أبيه أنه قال : «قرأت مصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه عند عجوز مسنة من ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فوجدته مكتوبا أجزاء بخطوط مختلفة ، في أسفل جزء منها مكتوب وكتب علي بن أبي طالب ، وفي أسفل آخر وكتب عمار بن ياسر ، وفي آخر وكتب المقداد ، وفي آخر وكتب سلمان الفارسي ، وفي