فعله وصنعه ، وتقوية لمن أراد حفظ كتابه ، وحمل (٤٥٤) ما نزل من وحيه وبيانه ، فخفف عنهم في الكتاب ، وأعانهم بذلك في كل الأسباب ، ففرق بين الأصول الموصولة والفروع المفرعة ، فجعل الأصول في الكتاب مجملة جاء بها جبريل ، وجعل الفروع في غير الكتاب جاء بها أيضا جبريل ، فكل (٤٥٥) من الله وحي مبين ، وتفصيل (٤٥٦) وفرض منه سبحانه وتنزيل ، بعث بهما كليهما رسولا واحدا ، ملكا عند الله مقربا أمينا مؤتمنا ، فأدى إلى الرسول عليهالسلام ما به أرسل إليه ، وتلى عليه من ذلك ما أمر بتلاوته عليه ، فكان ذلك من الله فرضا مميزا ، ودينا من الله مفترضا لم يكن لرسوله فيه اختيار ، ولم يشرع لأمته من دين الله إلا ما شرع الله ، ولم يأمرها إلا بما أمرها الله ، ولم ينهها إلا عمّا نهاها الله.
ذكر تفاصيل من الصلاة والزكاة
من ذلك ما قلنا به من قول الله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، فنزلت هاتان اللفظتان في القرآن موصولتين ، وجاءتا فيه مجملتين ، فاحتملت الصلاة أن تصلّى قليلا وكثيرا إذ جاء ذلك مجملا ، ثم فسر الله ذلك على لسان جبريل كما نزل على لسانه القرآن الجليل ، فجعل الله الظهر أربعا ، والعصر أربعا ، والمغرب ثلاثا ، والعتمة أربعا ، والصبح اثنتين ، فبيّن لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم تفسير ما جاء في كتابه مجملا من أمره بالصلاة جزما ، ولم يكله إلى أن يتكمه في ذلك تكمها ، ولا أن يتخبط فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم تخبطا. وكذلك لما أن (٤٥٧) قال سبحانه (وَآتُوا الزَّكاةَ) ، احتمل أن تؤخذ من كل دينار
__________________
(٤٥٤) في الأصل : (جعل) ، و (حمل) ظنا من هامش (د) ، وهي أنسب للمعنى إذ هي معطوفة على معمول صلة (من).
(٤٥٥) في (ب) : فكان.
(٤٥٦) في (ج) : وتفصيل منه سبحانه وتنزيل.
(٤٥٧) سقط من (ب) : (لما أن).