وإن لمن خالفه أو نقص بعضه العقاب والعذاب ، وإن لمن أداه على وجهه وعبد الله بما تعبده به الثواب ، فكل ما ذكرنا من ذلك من الحلال والحرام وشرائع الدين والأحكام فهي من الله حقا حقا. وليس حالها كحال غيرها مما جعله رسول الله عليهالسلام من نفسه واختياره ورآه مما لم يجعل الله ولا رسوله على تاركه عقابا ، مثل ما سنّ من الوتر ، وتقليم الأظافر ، وحلق الشعر والسواك وتعفية اللحية وأخذ الشارب ، وغير ذلك مما سن وفعل واختار لنفسه من زيادات العبادة والصلاة ، مثل ما كان يصلي ويلزم ويحب من ركعات كان يصليهن فيما سوى الفريضة ، ومثل ما كان يرى من التعزيرات ، ويفعله عند النازلات ، وما كان يكون منه من التأديب لأمته على ما يكون من خطا أفعالها ؛ لأن الخطأ من أفعال الأمة على أربعة وجوه :
فوجه : يجب لله فيه حد ، وهو ما جعل فيه سبحانه حدا في كتاب الله وسماه ، مثل ضرب الزانيين ، وقطع السارقين ، وحد القاذفين ، وما أشبه ذلك مما جاء في الكتاب حده مبينا.
والوجه الثاني : فما نزل به جبريل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحده له وأمره به ، من أدب من ارتكب شيئا محرما مثل حد الخمر المحرمة في الكتاب ، نزل بالحد فيها وفسره كما فسر غيره من الفروع جبريل لمحمد عليهالسلام.
والوجه الثالث : فخطأ من أفعال العباد يجب للنبي عليهالسلام فيه الأدب على فاعله ، وهو مثل رجل لو ضم امرأة إليه ، أو قبلها ، أو نظر إلى شعرها أو بشرها ، فلرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الاختيار في أدبه وتعزيره ، على قدر ما كان من فعله وجرأته (٤٦٥) ، يقل الأدب أو يكثر على قدر ما يرى من بلوغ الأدب ، وجزع المؤدب ، وكذلك الأئمة لها في ذلك الاختيار تعزر بما رأت يقل الأدب أو يكثر على قدر ما ترى من عظم الجرم وصغره ، وبلوغ الأدب في المؤدب واحتماله للأدب ، عليها فرض أن تعمل النظر في ذلك ، وتتحرى التنكيل للمؤدبين قل الضرب في ذلك أو كثر ، تطلب بلوغ جزع
__________________
(٤٦٥) في (ج) : وجرمه.