الأقوال في حرام ولا حلال ، فضلّت عند ذلك وأضلت ، وهلكت وأهلكت ، وتقحمت في الشبهات ، وقالت بالأقاويل المعضلات ، تخبطا في الدين ، وتجنبا عن اليقين ، ضلالا عن الحق ، ودخولا في طرق الفسق ، ظلما وطغيانا ، وضلالة وعصيانا. تركت ما به أمرت ، وقصدت ما عنه نهيت ، فقال كل واحد منها فيما يرد عليه من الدين بهوى نفسه ، وإرادة قلبه ، وتمييز صدره ، لم يهتد في ذلك بهدى ، ولم يلق فيه مصابيح الدجى ، ولم يسأل عنه أهل البر والتقوى ، ولم يهتد فيه بالأدلاء.
فكان مثلهم فيما فعلوا من ذلك ، كمثل قوم ركبوا مفازة مضلة ، وأخذوا معهم فيها أدلاء بصراء ، حتى إذا توسطوها قتلوا الأدلاء ، فبقوا في حيرة ، عميا لا يهتدون سبيلا ، ولا يعرفون ماء ولا طريقا ، فلم يزالوا فيها محيرين ذاهبين وجائين ، مقبلين ومدبرين ، حتى هلكوا أجمعين ، فكانوا سبب هلاك أنفسهم ، وسبيلا إلى تلفهم ، فذهبوا غير مقبولين ولا محمودين ، بل مذمومين عند الله معذبين.
كذلك مثل هذه الأمة ومعناها ، فيما نالته من فقهائها وأدلائها ، الذين جعلوا لمن تبعهم نورا وهدى ، ودليلا على الله العلي الأعلى ، وهم آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، فضلّت الأمة بعدهم ، وهلكت عند مفارقتهم. ولعمري أن لو قصدت لرشدها ، وتعلقت بالحبل (٤٧٩) ، الذي جعل لها متعلقا وكهفا في كل أمر وملجئا لما ضلت عن رشدها أبدا ، ولا وقع اختلاف بين اثنين في فتيا ، ولا اشتبه مشتبه في حلال ولا حرام ، إلا وجدناه عن آل محمد عليهالسلام ؛ لأنهم أهل ذلك وموضعه ومكانه ، ومركبه الذي ركبه الله عليه ، وجعله معدنا له وفيه ، اختاره لعلمه ، وفضّله على جميع خلقه ، نورا على نور ، وهدى على هدى ، وحاجزا من كل ضلالة وردى ، أئمة هادين ، ونجبة (٤٨٠) مصطفين ، لا يخاف من اتبعهم غيا ، ولا يخشى عمى ولا ضلالا ، محجة الإيمان ، وخلفاء الرحمن ، والسبيل إلى الجنان ، والحاجز عن النيران. تقاة أبرار ، وسادات أخيار ، أولاد النبيين ، وعترة المصطفين ،
__________________
(٤٧٩) من (ب) و (ج) و (د) ، وفي الأصل : (بحبلها).
(٤٨٠) في (أ) : ونخبه.