به مشابها لما يحتذي به ، لا يخالفه في شبهه ، ولا يفارقه في قياسه ، ولن ينال ذلك غيره ممن لم يحكم أصول عمله ، ولم يفهم متفرعات أنواع صناعته. فكذلك المتناول للقياس في الأحكام ، المتعاطي لذلك من شرائع الإسلام ، لا يجوز له قياسه ، ولا يصح له مثاله ، حتى يكون لأصول الدين محكما ، ولشرائع العلم فهما ، ولمعرفة الكتاب والسنة قائما ؛ فعند ذلك يكون في قياسه كاملا (٤٨٥) ، ولعلمه محكما ، وعلى ما يطلب من ذلك كله قادرا.
أهل البيت هم أعلم الخلق بالكتاب والسنة
ثم اعلم أيها السائل علما يقينا ، وافهم فهما ثابتا مبينا ، أن العلماء تتفاضل في علمها ، وتتفاوت في قياسها وفهمها ، وفيما قلنا به من ذلك ما يقول الله سبحانه : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف : ٧٦] ، وأنه ليس أحد من المخلوقين أولى بفهم أحكام رب العالمين ، ممن اختاره الله واصطفاه وانتجبه وارتضاه ، فجعله مؤديا لدينه ، قائما بحكمه ، داعيا لبريته ، حائطا لخليقته ، منفذا لإرادته ، داعيا إلى حجته ، مبينا لشريعته ، آمرا بأمره ، ناهيا عن نهيه ، مقدما لطاعته ، راضيا لرضاه ، ساخطا لسخطه ، إماما لخليقته ، هاديا لها إلى سبيله ، داعيا لها إلى نجاتها ، مخرجا لها من عمايتها ، مثبتا لها على رشدها ، مقيما لها على جواد سبلها ، ناصحا لله فيها ، قائما بحقه سبحانه عليها. وذلك وأولئك فهم صفوة الله من خلقه ، وخيرته من بريته ، وخلفاؤه في أرضه ، الأئمة الهادون ، والقادة المرشدون ، من أهل بيت محمد المصطفى ، وعترة المرتضى ، ونخبة العلي الأعلى ، المجاهدون للظالمين ، والمنابذون للفاسقين ، والمقربون للمؤمنين ، والمباعدون للعاصين ، ثمال كل ثمال (٤٨٦) ، وتمام كل حال ، الوسيلة إلى الجنان ، والسبب إلى الرضاء من الله والرضوان ، بذلوا أنفسهم للرحمن ، وأحيوا شرائع الدين والإيمان ، لم يهنوا ولم يفتروا ، ولم
__________________
(٤٨٥) في (ب) : في قياسه قائما كاملا.
(٤٨٦) في القاموس الثمال : الغياث الذي يقوم بأمر قومه.