صدره من ثابت لبه ، إذ أجاد استعماله في حاجته مما طلب من علم نوازل الأحكام ، ووقف بذلك على معرفة أصول دين الإسلام ، فكان بقياسه وتمييزه ، رادا لفروع دينه إلى أصوله ، فالتأم له بالتمييز والنظر ، وجودة انصاف العقل والفكر ما افترق ، وارتتق له بذلك في الأحكام ما انخرق. فافهم ـ هديت ـ معنى قول القائل : قاس ويقيس ، واستعمل لبك في معرفة الفرق بين المعنيين اللذين ذكرنا ، حتى يستدل (٤٩٠) فيهما على الهدى ، وتكون من ذلك في قولك كله على الاستواء.
والحمد لله العلي الأعلى ، وصلى الله على محمد المصطفى ، وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار الصادقين الأبرار.
ثم اعلم من بعد كل علم ومن قبله ، وعند استعمالك لعقلك في فهمه ، أن الذين أمرنا باتباعهم من آل رسول الله ، وحضضنا على التعلم منهم ، وذكرنا ما ذكرنا من أمر الله برد الأمور إليهم ، هم الذين احتذوا بكتاب الله من آل رسول الله ، واقتدوا بسنة رسول الله ، الذين اقتبسوا علمهم من علم آبائهم وأجدادهم ، جدا عن جد ، وأبا عن أب ، حتى انتهوا إلى مدينة العلم ، وحصن الحلم ، الصادق المصدّق ، الأمين الموفق ، الطاهر المطهر ، المطاع عند الله المقدر ، محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فمن كان علمه من آل رسول الله على ما ذكرنا ، منقولا إلى آبائه مقتبسا من أجداده ، لم يزغ عنهم ، ولم يقصد إلى غيرهم ، ولم يتعلم من سواهم ؛ فعلمه ثابت صحيح ، لا يدخله فساد ولا زيغ ، ولا يحول أبدا عن الهدى والرشاد ، ولا يدخله اختلاف ، ولا يفارق (٤٩١) الصحة والائتلاف.
فإن قلت : أيها السائل قد نجد (٤٩٢) علماء كثيرا منهم ممن ينسب (٤٩٣) إليه
__________________
(٤٩٠) في (ب) : تقف.
(٤٩١) في (ب) : تفارقه.
(٤٩٢) في (أ) : تجد.
(٤٩٣) في (أ) : ينتسب.