وله أيضا عليهالسلام :
كتاب دعوة وجه بها إلى أحمد بن يحيى بن زيد ومن قبله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الأول ، القديم الآخر ، الواحد الكريم ، الذي لا تراه العيون عيون الناظرين ، ولا تحيط به ظنون المتظنّنين ، ولا تقع عليه أوهام المتوهمين ، ولا يصفه أحد من الواصفين ، إلا بما وصف به نفسه من أنه هو ، وأنه باين عن الأشياء ، وباينة الأشياء منه ، فلم يبن منها سبحانه غائبا عنها ، ولم يخف منها في بينونتها خاف عليه منها ، بل إحاطته بأسرّ سرها ، كإحاطته بأعلن علانيتها ، العادل في قضائه ، المعز لأوليائه ، المذل لأعدائه ، الناصر لمن نصره ، الخاذل لمن خذله ، البريء من أفعال العباد ، المتعالى عن اتخاذ الصواحب والأولاد ، داحي الأرض ذات المهاد ، رافع السماء بغير عماد ، الموفق المسدد لكل رشاد ، الزاجر الناهي عن الفاحشات ، الحاض الآمر بالحسنات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الذي لا تواري عنه ساترات متكاثفات الستور ، ولا تستجن عنه بمتراكم أمواجها قعور البحور. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله برسالته ، وانتجبه لأمانته ، فبعثه في طامة طخيا ، ودياجيج ظلمة عميا ، وأوائل فتنة دهيا ، ودروس من الصالحات ، وظهور من المنكرات ، فدعا إلى ربه ، وأظهر ما أمر به ، وفتح فينق الفسق ، وأظهر دعوة الصدق ، وأعلن كلمة الحق ، وأرغم أنف الشيطان ، وأدحض عبادة الأوثان ، وأخلص التعبد للرحمن ، ونهى عن الظلم والعصيان ، وأمر بالتواصل والإحسان ، وأماط أفعال الجاهلية ، ونفى عنهم ظلمة الحمية والعصبية ، وبسط لأمته كنفي الرحمة الواسعة ، وأكمل الله به على البرية النعمة السابغة ، فمضى عليهالسلام في أمر الله قدما ، وجرد في أمر الله سبحانه مصمما ، حتى أثبت له على عباده الحجة