يكون في حق إلا من أهل الفجور والفسوق. ومن أضل عند الله ، أو أهلك ، أو أشد عذابا عند الله ، أو آفك ممن تخلف عن الحق وهو يعرفه ، وسوّف بالإقبال إليه. فكذلك ، لعمر أبي ، الجفاة الرافضين للحق والمحقين ، والمتأولين في ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما لم يجعل الله إلى التعلق به سبيلا ، أشدّ عذابا عند الله ، وآلم تنكيلا ممن لم يعرف ما افترض الله عليه في الجهاد ، فهو يتكمه في البلاء متحيرا عن ما اهتدى إليه غيره من العباد ، فنعوذ بالله من التخلف عن أمره ، والصد عن سبيله. فلا صد يرحمك الله أصد ، ولا جرم عند الله أشدّ من جرم من تخلف عن الحق ، ممن ينظر إليه من السواد الأعظم من الكبراء ، وبه تقتدي العوام من العلماء والجهلاء ، بل تخلف من كان كذلك ثم تخلف فقد عطل ورفض الحق ، وأضعف دعوة الصدق ؛ لأن كثيرا من ضعفة المؤمنين يقتدون بأفاعيله ، لثقتهم به واتكالهم على رأيه ، ونظرهم إلى عزيمته ، إذ قصرت عزائمهم ، وصغرت عن كثير من ذلك بصائرهم ، فهم له أتباع في كل أمره ، لا يعدلون عن قوله ورأيه ، ولا يفعلون إلا بفعله ، وإن نهض نهضوا ، وإن أقام أقاموا ، وإن نصر نصروا ، وإن خذل خذلوا ، وكلهم مأخوذ بنفسه ، إذ هو مقصر عن مدى غيره ، والمنظور إليه منهم فمأخوذ بهم إن علم أنهم إليه ينظرون ، وإياه يبصرون.
فيا ويل من تخلف عن الله وخالف الهدى ، وركن إلى الأولاد والدنيا ، أما سمع قول الله تعالى فيما نزل من القرآن الكريم حين يقول لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) [الفتح : ١٦] الآية ، فأوجب لمن اتبع الجزاء الحسن والثواب ، ولمن تخلف عن ذلك أليم العقاب ، فنعوذ بالله من البلاء والحيرة والشقاء ، والركون إلى ما يزول ويفنى ، والأثرة له على ما يدوم ويبقى.
ثواب من اتبع القائم
فهذه سبيل من تخلف عن فروض الواحد الجليل ، فأما من اتبع ما وصفنا من آل الرسول ، فإنه عند الله تبارك وتعالى حق مقبول ، فهو عند الله تبارك وتعالى من المسلمين