المؤمنين ، العابدين ، الخاشعين ، المؤدين لعظيم ما افترض الله عليهم ، المفضلين على جميع المؤمنين في التوراة والإنجيل والقرآن المبين ، المهاجرين إلى الله ، قد وقع أجرهم على الله ، وكرم مئابهم لديه ، وأدوا إليه الأمانة ، فنجوا وسلموا من الخيانة ، كما قال سبحانه : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) [الحج : ٥٩] ، ومن صح منه هذا الفعل فقد صحت له الولاية من رب العالمين ، ومن الرسول والأئمة وجميع المؤمنين ، وكان من الذين قال الله سبحانه فيهم : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الحجر : ٤٧] ، وكان من الآمنين للفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة كما قال أرحم الراحمين : (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠٣] ، وكانوا من البائعين لأنفسهم من ربهم بما بذل لهم من الثمن الربيح حين يقول سبحانه : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة : ١١١] ، فيا لها تجارة ما أربحها ، ويا لها دعوة ما أرفعها ، دنيا يسيره فانية ، بآخرة كبيرة باقيه ، وحياة أيام تزول بحياة أيام أبدا لا تحول ، والنكد والنصب والشدة والتعب بالراحة والسرور ، والغبطة له في كل الأمور. فاز والله من بادر فاشترى الجنة بأيام من حياته ، وخاب من تخلف عن مبايعة الله ، وسوّف ويله وتمنى ، وعلل نفسه وسها ، حتى نزلت به الداهية الدهيا ، ونزل به الموت والفناء ، وحصل في دار القيامة والجزاء ، (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف : ٤٩].
حكم الفاسق من آل الرسول
فهذه صفات من تجب طاعته ، وتحرم معصيته. ومن خالف ما ذكرنا ، وكان على غير ما شرحنا من آل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنكث عليهم ، وأساء في فعله إليهم ، ومنعهم من حقهم الذي جعله الله لهم ، واستأثر بفيئهم ، وأظهر الفساد والمنكر في ناديهم ، وصير ما لهم دولة بين عدوهم ، يتقووا به عليهم ، ولا يقبضه منهم