ويقسمه على صغيرهم وكبيرهم ، وكانت همته كنز الأموال ، والاصطناع لفسقة الرجال ، ولم يزوج أعزابهم ، ولم يقض غراماتهم ، ولم يكس الظهور العارية ، ولم يشبع منهم البطون الجائعة ، ولم ينف عنهم فقرا ، ولم يصلح لهم من شأنهم أمرا فليس يجب على الأمة طاعته ، ولا يجب عليهم موالاته ، ولا يحل لهم معاونته ، ولا يجوز لهم نصرته ، بل يحرم عليهم القيام معه ومكاتفته ، ولا يسعهم الإقرار بحكمه ، بل يكونون شركاؤه إن رضوا بذلك من أفعاله ، ويكونون عند الله مذمومين ، ولعذابه مستوجبين.
فنعوذ بالله من الرضى بقضاء الظالمين ، ونعوذ به من الإعراض عن جهاد الفاسقين ، الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، فإن من أعرض عن جهادهم فقد برئ من الله وبرئ الله منه ، وبعد من حزب الرحمن ، وصار من حزب الشيطان ، (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ).
وبعد ، رحمك الله ووفقك وأعانك وسددك :
الدعوة وشروطها
فإني أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيئه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلى ما أمرني الله أن أدعوك إليه ، وأخذ به علي العهد والميثاق ، من الأمر بالمعروف الأكبر ، والنهي عن التظالم والمنكر ، وإلى أن نحل نحن وأنت ما أحل لنا الكتاب ، ونحرم نحن وأنت ما حرمه علينا ، وإلى الاقتداء بالكتاب والسنة ، فما جاءا به اتبعناه ، وما نهيا عنه رفضناه ، وإلى أن نأمر نحن وأنت بالمعروف في كل أمرنا ونفعله ، وننهى عن المنكر جاهدين ونتركه ، وإلى مجاهدة الظالمين من بعد الدعاء إلى الحق لهم ، والإيضاح بالكتاب والسنة بالحجج عليهم ، فإن أجابوا فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المؤمنين (٥٠١) ، وإن خالفوا الحق وتعلقوا بالفسق حاكمناهم إلى الله سبحانه ، وحكمنا فيهم بحكمه ، فإنه يقول سبحانه :
__________________
(٥٠١) في (ب) : المسلمين.