بعهدهم ، وأقل اجتراء منهم في كثير من الأمور على خلافهم ، وهم في ذلك يدعون أنهم أئمة المسلمين ، وقادة المؤمنين وخلفاء للواحد الكريم وولاة للعظيم الرحيم.
كلّا!! والذي نفس يحيى بن الحسين بيده ، ما ولى الله أولئك على خلقه ، ولا قلّدهم شيئا من أمره ، ولا أجاز لهم أمرا ولا نهيا في شيء من أرضه. وكيف ذلك يكون والله سبحانه يقول لنبيه ، صلى الله عليه ، إبراهيم خليله حين سأله أن يجعل ذريته أئمة كما جعله هو صلى الله عليه إماما ؛ فأخبره الله سبحانه إنه لا يجعل الولاية إلا للمتقين ، ولا يعقد الإمامة لأحد من الفاسقين ، ولا يعقد عقدها للظالمين ، وذلك قوله سبحانه : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤] فمنع من عهده وعقده ، ومؤكد إمامته كل ظالم من خلقه.
فأي ظلم ، يرحمك الله ، أو غشم أو فسق أو إثم أعظم مما فيه من هو يدعي أنه إمام للمسلمين أو أمير للمؤمنين ، من الذين أماتوا الكتاب والسنن ، وأحيوا البدع والفتن ، وقتلوا الحق ، وأحيوا الفسق ، وجلسوا في غير مجلسهم ، وتعاطوا ما ليس لهم ، (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) [البقرة : ١٦] فأين لكم يا أهل الإسلام ، وكيف يرضى من آمن بالرحمن بالظلم والغشم من حزب الشيطان ، الذين جاهروا ربهم بالكفر والعصيان ، وحادوه في كل شأن ، (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة : ٢١] ، صدق الله في قوله ، لقد حكم الله للحق والمحقين بالغلبة للباطل والمبطلين ، ولكن أين الناهضون في أمره ، المنجزون لوعده ، المتعرضون لنصره ، ، فإنه يقول سبحانه : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج : ٤٠] بلى وعسى ، إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ، عسى الله أن يجعل فيكم يا أهل التوحيد خلفا من الأولين المجاهدين ، الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم لله رب العالمين ، فشمروا يرحمكم الله واجتهدوا ، واطلبوا النجاة من الله تعالى بجهادهم تنجوا ، فإنه يقول سبحانه : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) [آل عمران : ١٩٥] فجاهدوا كما جاهد أولئك من سلفكم