في نقضه لعهده ، وحنثه بقسمه أدب لما اجترى به على ربه ، وتمرد به في ذلك على خالقه ، فأدبناه كما (٥١٣) ترى غضبا لله ، وانتقاما لدين الله ، وتنكيلا له عن نقض العهود المعقدة ، ورد الفاحشة بعد خمولها في دار الحق ، وإظهار الكبائر والفسق. فهذا سبب أدبنا لمن نؤدبه بعد حد الله ، وذلك الواجب على كل إمام في دين الله أن يفعله لمن نقض عهده ، ونكث بعد قسمه بالله ، ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٤] ، أن يحلف المرء بالله كاذبا ، أو ينقض لله عهدا. وما نهى الله عنه ومنع عباده منه فلا بد لكل من اجترى عليه وفعله من الأدب ، وإلا فلم يكن لنهي الله عنه معنى ولا سبب (٥١٤) ، فهذه حجتنا فيما عنه سألت من ذلك ، فتدبر القول فيه يصح لك صوابه ، ويزول عنك شكه وارتيابه.
ذكر خرص الثمار
وكذلك ما ذكرت وعنه سألت من خرص النخل وحزرها (٥١٥)
وهذا الأمر لا ينكره مسلم ، ولا يدفعه من كان لأحكام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسلما ؛ لأن الأمة كلها بأسرها ـ إلا أن يكون الشاذ الضعيف (٥١٦) العلم ـ مجمعة على أن رسول الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، خرص وحزر ثمار المدينة وثمار خيبر ، وكان يرسل في كل سنة عبد الله بن رواحة الأنصاري فيخرص الثمار كلها ، ثم يأخذهم بخرصها ، ويحكم عليهم بما حزر فيها ، ونحن فكذلك فعلنا ، وبه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك اقتدينا. ثم احتطنا من بعد ذلك باستحلاف من أمرناه بخرص الثمار ، فإذا أردنا أن
__________________
(٥١٣) في (ج) : بما.
(٥١٤) في (ب) و (ج) : تسبيب.
(٥١٥) الحزر : التقدير والخرص. تمت مختار. من هامش (أ).
(٥١٦) الضعيف مضاف إلى العلم.