الجبابرة الطاغون ، فأخذوا الأموال وقتلوا الرجال ، وأهلكوا الأطفال ، واصطلموا (٥٢٠) الأموال ، ومات الحق وظهر الباطل والفسق. هذا ما يحل (٥٢١) لإمام الحق أن يفعله ، ولا يجوز هذا إلا لإمام حق مستحق بموضع الإمامة ، نافذ حكمه في الأمة ، حاكم بالكتاب والسنة ؛ لأن في فعله ذلك نجاة للمسلين ، وفي تركه له هلاك جميع المؤمنين ، وإذا كان ذلك كذلك ، فأخذ جزء من أموال المسلمين فرض عليه في ذلك ، فإن قصر فيه فقد شرك مهلكهم في هلكتهم ، ولم يحسن النظر لهم ، وكان قد تحرى في تركهم صلاحا ورشدا ، فوقع من ذلك في هلكه وارتكب إدا.
تمثيل أخذ الإمام الأموال لحماية الرعية
وسنضرب لك في ذلك أمثالا ونقول فيه بالصواب إن شاء الله مقالا يصح رشده لكل ذي لب وعلم ، ويبين صدقه لكل ذي تمييز وفهم : ما يقول من أنكر علينا ذلك في نفسه لو كان في قرية من قرى المسلمين ، وكان أمره فيها نافذا جاريا ، وحكمه وقوله فيهم جائزا ماضيا ، ثم دلف (٥٢٢) إليها (٥٢٣) طاغية من طواغي المشركين ، أو طاغوت من طواغيت الباغين ، ليقتل رجالها ، ويسبي نساءها ، ويأخذ أموالها ، ويخرب ديارها ، فوجد هذا الإنسان الرئيس عليها النافذ أمره فيها أعوانا يدفع بهم عن القرية ما قد غشاها ، ويزيح عنها من الهلكة ما (٥٢٤) أتاها ، كان الواجب عليه في حكم الله ، وفيما يجب للمسلم على المسلم أن يأخذ من أموالهم طرفا يقوت به هؤلاء الذين يدفعون عنهم ؛ حتى يسلموا من الهلكة ، أم يخليهم حتى يهلكوا ويستباحوا ويقتلوا؟!
__________________
(٥٢٠) قال في اللسان : والاصطلام : الاستئصال.
(٥٢١) في (ب) : هذا ما لا يحل.
(٥٢٢) قال في اللسان : دلف الدّليف : المشي الرويد.
(٥٢٣) في (ب) : إليه.
(٥٢٤) في (ب) : قد.