إخوانه أجمعين ، ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة : ٣٢] ، فحكم الله على كل مسلم إزاحة الهلكة عن المسلمين بجهده وطاقته. وكذلك يجب على الإمام أن يواسي بين المهاجرين والأنصار ، وبين الرعية من أهل الدار ، ولا يترك المهاجرين المدافعين عن المستضعفين الدائمين المقيمين لدعائم الدين يهلكون جوعا بين أهل الأموال والجدة من المسلمين ، ومن فعل ذلك كان على أحد وجهين : إمّا افترق عنه المجاهدون إذا اشتدّ عليهم البلاء ، ولم يجدوا قوتا لأنفسهم ممسكا ، أو صبروا فهلكوا وماتوا جميعا معا ضرا وحزنا وجوعا ، فهلك بهلكتهم الإسلام ، واجتيح (٥٢٩) بعدهم الأنام ، وكان في ذلك كله آثما ، وللمجاهدين في الله وعلى دينه ظالما.
فافهم هداك الله ما به قلنا ، وفي ذلك احتججنا ، فإن الحجج فيه تكثر لو بها نطقنا ، ويسير ذلك يغني عند أهل العقل عن كثيره ، ويجتزى عن الكثير فيه بيسيره.
عدم جواز العشر لآل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسألت عن العشر هل يجوز لآل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
والقول في ذلك أنه لا يجوز لهم أكله ولا استحلاله ، ولا الانتفاع بشيء منه ، إلا أن يشترى بأغلى ثمن وأوفاه ، فيكون حاله كحال غيره من أموال المسلمين ، التي يحرم على المسلمين استحلالها وأكلها ، ويحل لهم إذا اشتروها بالأثمان.
وكذلك يجوز للأئمة أن يشتروا الأعشار من جباتها وعمالها بأغلى ما يباع في أسواقهم ، وتحتاط في ذلك على أنفسها لهم ، وكذلك في الأعلاف من التبنان والقضبان ، لا يأخذ منه شيئا إلا بثمن فوق ما يباع في السوق ، يحاسبون على ذلك العمال ، ويوفونهم
__________________
(٥٢٩) قال في اللسان : الجوح : الاستئصال من الاجتياح.