الفسق ، وعاش في الدار المستضعفون ، وجاد بالمعروف الأغنياء ، واستغنى في دار معروفهم الفقراء ، وأمنت سبلهم ، وحسنت حالهم ، وزال ضرهم ، فهذا والمثل الذي ضربناه أولا سيان (٥٣٧) في القول والمعنى اثنان ، والحمد لله على الخلق والاستواء ، ففكر فيما ذكرت لك بلبك ، وانظر فيه إذا نظرت بخالص مركب عقلك ، يبين لك في ذلك الصواب ، ويزول عنك فيه الشك والارتياب.
بم تثبت الإمامة في الإمام من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
وسألت عن إثبات الإمامة في الإمام من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : بما تثبت له أبعقد الناس وإجماعهم عليه ، أم برواية رويت عن الرسول فيه ، أم بغير ذلك؟
واعلم هداك الله أن الإمامة لا تثبت بإجماع الأمة ، ولا بعقد برية ، ولا برواية مروية ، ولكن تثبت لصاحبها بتثبيت الله لها فيه ، وبعقدها في رقاب من أوجبها عليه من جميع خلقه وأهل دينه وحقه ، وذلك قوله سبحانه : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] ، وأولو الأمر الذين أمروا بالكينونة معهم فهم الصادقون بادعاء الإمامة ، وهم المستوجبون لها والمستحقون لفرضها ، وهم من كانت فيه الصفات التي تجب له بها الإمامة : من ولادة الرسول ، والعلم ، والدين ، والزهد ، والورع ، والمجاهدة لأعداء الله من كشف رأسه ، وسل سيفه ، ونشر رايته ، ودعا إلى الحق وعمل به ، وزاحف الصفوف بالصفوف ، وأزلف الألوف إلى الألوف ، وخاض في طاعة الله الحتوف ، وضرب بالسيوف الأنوف ، وأقام حدود الله على من استوجبها ، وأخذ أموال الله من مواضعها ، وصرفها في وجوهها ، وكان رحيما بالمؤمنين ، مجاهدا غليظا على الكافرين والمنافقين ، معه علمه ودليله. والعلم والدليل : الكلام بالحكمة ، وحسن التعبير ، والجواب عند المسألة ، والفهم
__________________
(٥٣٧) في (ب) : شيان.