وصف لسيرة الهادي عليهالسلام
وحدثنا محمد بن سعيد اليرسمي (٥٤٢) وزير الهادي رحمة الله عليه قال :
ولما نزل الهادي صعدة كان محله في دار الإمارة ، فكان يصلي بالناس الصلوات الخمس بالجماعة لا يقطع ذلك ليلا ولا نهارا ، ويجلس ما بين الصلاتين ، فيعظ الناس ويعلمهم فرائض الدين ، وفرائض المواريث ، ويتحاكمون إليه ، ويبين لهم ما يحتاجون إليه. ثم ينهض فيدور في الأسواق والسكك ونحن معه. فإذا رأى جدارا مائلا أمر أهله بالإصلاح له ، أو طريقا وعثا أمر بتنقيته ، أو خلفا مظلما أمر أهله أن يضيئوا فيه بالليل للمارّ والسالك إلى المساجد. وإن رأى امرأة أمرها بالحجاب ، فإن كانت من القواعد أمرها بالسترة ، وهو أحدث للنساء البراقع باليمن وأمرهن بذلك.
وكان يقف على كل أهل بضاعة فيأمرهم أن لا يغشوا بضائعهم ، ويأمرهم بتنقيتها من الغش وتفصيل ما يبيعون ، وإيفاء ما يسمون.
فقالوا له أليس التسعير حراما؟
فقال : أو ليس الغش حراما ، والظلم كذلك؟
قالوا : بلى.
قال : فإنما نهي عن التسعير على أهل التقى ، وأهل العفة ، فإذا ظهرت الظلامات والنجش (٥٤٣) في البيوع والنقص وجب على أولياء الله سبحانه أن ينهوا عن الفساد كله ، ويردوا الحق في مواضعه ، ويزيحوا الباطل عن مكانه ويأخذوا على يد الظالم عن ظلمة.
__________________
(٥٤٢) محمد بن سعيد اليرسمي ، كان فاضلا ناسكا مجاهدا ، صحب الإمام الهادي عليهالسلام وكان من زعماء أصحابه الكرام ووجوههم ، وأحد مستشاري الإمام أحمد الناصر بن الإمام الهادي عليهالسلام.
(٥٤٣) النّجش : قال في اللسان : قال أبو عبيد : هو أن يزيد الرجل ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ، ولكنه ليسمعه غيره فيزيد بزيادته ، وهو الذي يروى فيه عن أبي الأوفى : الناجش آكل ربا خائن.