لك الأمر من الله سبحانه كذلك.
فضل الملائكة على الأنبياء
وسألت أكرمك الله عن الملائكة والأنبياء صلوات الله عليهم فقلت : أيهم أفضل؟
والجواب في ذلك أن الملائكة أفضل من الأنبياء. والحجة في ذلك أن الفضيلة لا تكون إلا بفضل الأعمال ، فلما وجدنا الملائكة أفضل أعمالا وأكثر عبادة ، حكمنا لها بالفضل على من دونها عملا. ألا تسمع كيف يشهد الله لها بكثرة العبادة ودوام الطاعة ، حين يقول الله عزوجل : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء : ٢٠] ، فذكر سبحانه عنهم ما ذكر من عبادتهم ودوام طاعتهم ، في التسبيح له والتقديس في الليل والنهار لا يفترون ، ومن كان عابدا لله الليل والنهار لا يفتر خلاف من هو يفتر في الليل والنهار ، ويشتغل بلذّات نفسه وشهوات قلبه ، من الجماع ، والمآكل ، والمشارب ، والنوم ، والجلوس ، والحديث. فلما أن صح عندنا أن الملائكة مأمورة منهية كالأنبياء ، مختارة للطاعة كاختيار الأنبياء ، قادرة على ضد الطاعة لو أرادته ، بما جعل الله فيها من الاستطاعة والتمكين ، ثم وجدناها قد استعملت ذلك كله أثرة لله ، وإقبالا على طاعته ، ففرغت أنفسها الليل والنهار في عبادته لا تفتر ، حتى شهد الله لها بذلك ، كانت عندنا أفضل من الأنبياء بما ذكرنا من فضل عملها ، ودوام طاعتها.
ومن الدليل على فضل الملائكة على الأنبياء قول الله عزوجل : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) [النساء : ١٧٢] ، فقال سبحانه : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) ، ثم قال : (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) ، فذكر الملائكة بعد المسيح ، فعلمنا أنها أكبر منه وأعظم وأفضل ، وفي أقل مما ذكرنا ما كفى من كان ذا فهم واجتزاء.
معنى قوله تعالى (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)
وسألت عن قول الله سبحانه : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)؟