ووجدناه ثابتا عند أهل العقل ، لا ينكره ولا يجحده من وهب لبا وفطنة وفهما.
خلق الملائكة والشياطين
وسألت فقلت : من أي شيء خلقت الملائكة ، ومن أي شيء خلقت الشياطين؟
الجواب في ذلك : أن الملائكة فيما سمعنا وبلغنا ـ والله أعلم وأحكم ـ خلقت من الريح والهواء.
وأما الشياطين فخلقت مما قال الله وحكى من مارج من نار.
والمارج فهو : خالص لهب النار ، والذي هو يمرج من لهبها ، ويتقطع في الهواء منها عند ارتفاع اللهب وعلوه ، فيذهب في الهواء قطعا قطعا ، وينفصل من اللهب تفصلا يستبان ذلك ويعرف عند تأجج النار وتوقدها ، وعظمها وارتفاع لهبها. فعند ارتفاع اللهب وعلوه ، يخلص خالصه ، ويمرج مارجه ، ويتقطع المارج من اللهب ، وينفصل مارج النار من لهبها ، ويذهب في الهواء متقطعا ، وذلك فهو مارج النار الذي ذكر الرحمن أنه خلق منه الجان.
والجان فهي : الجن ، والجن فهي الشياطين ، وإنما سميت جنا وجانا لاستجنانها عن أبصار الآدميين ، واستجنانها فهو غيبتها ، فلما كانت بغيبتها مستجنة سميت باستجنانها جانا. ألا تسمع كيف قال إبليس في آدم عليهالسلام حين يقول : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) فهذا دليل على ما به قلنا ، وأدل منه قول الله تبارك وتعالى : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) [الرحمن : ١٥] وهذا مما لا شك فيه ولا امتراء ، والحمد لله العلي الأعلى.
تبديل الأرض والسموات
وسألت عن قول الله سبحانه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨]؟
تأويل تبدّل : هو تغير ، وتغييرها هو نسف ما على وجهها من الجبال ، وبعثرة ما فيها