الله له سريرته ، وقوّاه على إرادته بالتوفيق والتسديد ، والمعونة والتأييد ؛ لأنه إذا كان منه ما ذكرنا من إخلاص النية والإرادة ، والإقبال إلى الله والتوبة ، فقد اهتدى وإذا اهتدى فقد قبله الله سبحانه فزاده هدى ، ومن زاده هدى فقد أوجب له الحياطة في كل معنى ، ومن حاطه الله وهداه ؛ فقد أعانه على طاعته وتقواه.
علم العبد أنه مجتهد في إرضاء الله
وسألت فقلت : متى يعلم العبد أنه مجتهد في رضاء الله؟
فالجواب : إنه لا يعلم بحقيقة العلم أنه مجتهد لله فيما يرضيه حتى يعلم أبدا أنه لا يعصيه ، فإذا وثق من نفسه أنه لا يأتي لله معصية ، ولا يترك له فريضة ، فعند علمه بذلك من نفسه يعلم أنه مجتهد في رضاء ربه. فعلمه باجتهاده في رضاء ربه تابع لعلمه بالائتمار بأمره ، والانتهاء عن نهيه ، وعلى قدر ما يكون الائتمار من العبد بأمره والانتهاء عن نهية يكون الاجتهاد منه في رضاء خالقه.
علم العبد أنه قد استوجب الجنة
وسألت فقلت : متى يعلم العبد انه قد استوجب الجنة من الله سبحانه؟
الجواب في ذلك : إذا علم بحقيقة العلم أنه قد أخلص التوبة النصوح إلى الله ، وأنه لا يدخل في معصية من معاصي الله ، وأنه لا يدع شيئا من فرض الله ، ثم علم أن ذلك منه بإخلاص واستواء ، وثبات ونية وتقوى ؛ فليعلم عند ذلك أنه من المؤمنين ، وقد أخبر الله بمحل المؤمنين فقال سبحانه : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة : ١٨] ، فإذا أيقن بذلك من نفسه وعلمه ، فليعلم أنه قد صار من أهل الجنة كما ذكر الله في كتابه في هذه الآية التي ذكرنا.