المساواة في الحق بين الغني والفقير
وسألت فقلت : أكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما يساوي بين الأغنياء والفقراء في الحق؟
وكذلك لعمري كان صلىاللهعليهوآلهوسلم. فإن كنت تريد بقولك : يساوي بينهم في الحق ، أي : يساوي بينهم في الحكم ، وينصف كلا من صاحبه فكذلك لعمري كان صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وإن كنت تريد بقولك يسوي في الجوائز في العطاء والرزق ، فنعم ، قد كانوا عنده في ذلك سواء ، فيما يجب لهم ويجرى عليهم ، مما تجب التسوية بينهم فيه ، مثل قسم الفيء وقسم الغنائم. وأما في أرزاق المرتزقين ، وسهام الأجناد المتجندين ، فلا يستوون في ذلك ، ولا يكونون في الحق (٥٧٨) سواء كذلك ، بل الأرزاق للمرتزقين على قدر ما يرى إمام المسلمين من جزايتهم وعنايتهم ، وحاجتهم إلى ما كفهم وأغناهم ، وقام بأسبابهم ، فعليه في ذلك حسن النظر لهم ، والتمييز في كل ذلك بينهم.
أخذ الجزية من العروض
وسألت فقلت : أكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأخذ من أهل الذمة ثوبا عسكريا وغيره من العروض من الإنسان منهم؟ ومن أين جاز أن يؤخذ اليوم منهم ثمانية وأربعون درهما ، وأربعة وعشرون ، واثنا عشر؟
القول في ذلك : أنه كان صلىاللهعليهوآلهوسلم لما أمره الله بأخذ الجزية من جميع أهل الذمة أخذ منهم ما أمر به ، فكان ما أمر به أن يأخذ من ملوكهم ثمانية وأربعين درهما ، ومن أوساطهم أربعة وعشرين درهما ، ومن فقرائهم اثني عشر. ولم يكن في دهره ولا في أرضه ولا في دار هجرته في ذلك الوقت من ملوكهم أحد ، وكان كل من
__________________
(٥٧٨) في (ب) و (ج) : في الجوائز.