قتلوا الدين ، وخالفوا رب العالمين ، وأحلوا حرام الله ، وحرموا حلاله ، وانتهكوا محارمه ، ولم يأتمروا بأمره ، ولم ينتهوا عن نهيه ، وحاربوه في آناء الليل وأطراف النهار. فراعنة ملاعين ، جورة متكبرين ، لا يحكمون بكتاب الله ، ولا يقيمون شيئا من شرائع دين الله ، قد قتلوا الإسلام والمسلمين ، وأضاعوا الأيتام والمساكين ، واستأثروا عليهم بأموالهم ، فمات الخلق هزلا في دولتهم. لا في أمور المسلمين ينظرون ، ولا إلى الله يرغبون ، ولا عذابه يخافون ، ولا ثوابه يرجون. معتكفين على اللهو والمزامير ، والضرب بالمعازف والطنابير. هممهم همم بهائمهم : ما واروه في بطونهم ، أو باشروه بفروجهم ، أو لبسوه على ظهورهم. بغيتهم إذلال الحق والمحقين ، وشأنهم إظهار الفسق والفاسقين ، ومعتمد أمرهم مكايدة رب العالمين.
فهؤلاء ـ يرحمك الله ـ ومثلهم وأعوانهم ، وخدمهم وأصحابهم وشكلهم ، أولى بالمجاهدة والقتال من نصارى تغلب الأنذال ؛ لأن هؤلاء أضر بالإسلام وأهله وأنكى. ومن كان كذلك من العباد فهو أولى بالجهاد ، لضرره على المسلمين والعباد. فافهم ما ذكرنا من تفسير خبرهم ، واجتزينا بالقليل من ذكرهم ، فإن لك في ذلك كفاية وشفاء ، ودليلا على ما سألت عنه وجزاء.
معراج النبي صلىاللهعليهوآله
وسألت عما روي من صعود رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء فقلت : أكان نائما أو يقظان؟
وإذا صح ذلك وثبت ، فلا يكون نائما أبدا ، ولا يكون إلا يقظان فهما ؛ لأنه ، إن كان ذلك كذلك ، فإنما أراد الله بإرقائه إلى السماء التعبير له والكرامة ، وليريه من عجائب خلقه وعظيم فعله ما حجبه عن غيره ولم يكرم به سواه. فإذا كان نائما في ذلك كله ، فلم ينتفع بشيء مما صعد إلى السماء له ، ولم يرى شيئا مما ينتفع به ، فلذلك استحال أن يكون نائما ، كما قال من جهل.