مسألة من مسائل التّباعي (٥٨٥)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين وعلى آبائهم الطاهرين :
سألت عن قول الله عز ذكره وجلت أسماؤه : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) [الأحقاف : ٢٠] ، فقلت : ما الطيبات في هذه الدنيا؟ أهو ما يتنعم به الناس ويلبسونه من صالحيهم وطالحيهم؟ وأن من لبس الثياب السرية ، وأكل الطعام الفائق ، وركب الخيول حلالا كان أو حراما فقد أذهب طيبات الآخرة بما أطلق لنفسه من استعمال طيبات الدنيا؟
فأما الكافر وأسبابه فقد استغنينا عن الفتش عن أمره بما قد قر عندنا في حاله ، كثرت دنياه أو قلّت ، فمصيره إلى النار. وأما المؤمن به ، والعامل بطاعة خالقه ، المتحري في أمره لما أمره به خالقه ، فكيف تكون تلك حاله وإنما جعل الله الطيبات للمؤمنين خالصة دون الفاسقين ، فقال في كتابه عزوجل لأنبيائه عليهمالسلام : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) [المؤمنون : ٥١] ، وقال في كتابه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢] ومعناها : ويوم القيمة ، وقال في كتابه : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ
__________________
(٥٨٥) قيل أن هذا الجواب للمرتضى ابن الإمام الهادي عليهماالسلام.