يعني الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين ، كقوله : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة : ١١٩] ، وكقول إبراهيم عليهالسلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) [إبراهيم : ٣٦] ، ثم قال : (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦] ، فقد نزع الملك من الفراعنة والجبابرة ، وإنما الملك هو الأمر والنهي ، لا المال والسعة والجدة ، كما قال عزوجل عند ما قالوا : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٤٧] ، فقد بين عزوجل في هذه الآية أن الملك هو الأمر والنهي ، لا سعة المال ، ثم قال : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦] ، فقد أعز الأنبياء ومن تبعهم من الأئمة الصادقين وأوليائهم الصالحين ، وذلك قوله سبحانه : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون : ٨] ، والمؤمن لا يملك من متاع الدنيا شيئا ، فسماه الله عزيزا ؛ إذ فعله ذلك يوصله إلى دار العز أبد الأبد ، ثم قال : (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦] ، فقد أذل الفراعنة ومن تبعهم من الظالمين ؛ لأنهم معتدون غير محقين.
فكل من كان في يده أمر ونهي ، وكان فعله مخالفا للكتاب والسنة فهو فرعون من الفراعنة ، وكل عالم متمرد فهو إبليس من الأبالسة ، وكل من عصى الرحمن من سائر الناس فهو شيطان من الشياطين ، وذلك قوله : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) [الأنعام : ١١٢] ، ثم قال : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس : ٦].
والظالم وإن اتسع في هذه الدنيا من مال غيره ، وأكثر من مظالم الناس ، ووقع عند الجاهل أنه عزيز ، فهو عند الله عزوجل وعند أوليائه ذليل ؛ لأن فعله ذلك يورده إلى دار الذل أبد الأبد ، كما قال الله عزوجل : (مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) [آل عمران : ١٩٧] ، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأمراء الظالمين : «طعمة قليلة وندامة طويلة.».
أعوان الظلمة
وفعل هؤلاء الظالمين وأمرهم وسلطنتهم إنما تقوم بأعوانهم الذين يتبعونهم ، ويعينونهم على ظلمهم ، وإذا تفرق الأعوان منهم وأسلموهم لم تقم لهم دولة ، ولا تثبت لهم راية ،